قوله : « سوَّت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمَّن يوثق به ، وبين ما أسنده غيرهم » غير معناه المتبادر عند العرف ، فان تفسير « عمَّن يوثق به » بالإمامي الصدوق او الإمامي العادل ، يحتاج إلى قرينة دالّة عليه.
وأما الثاني ، فان ما أفاده الشيخ من التفصيل في أخبار غير الإمامي إنما هو مختار نفسه ، لا خيرة الاصحاب جميعاً ، ولأجل ذلك قال عند الاستدلال على التفصيل : « فأما ما اخترته من المذهب ، فهو أن خبر الواحد إذا كان واردا من طريق اصحابنا القائلين بالامامة ... » (١).
ثم أخذ في الاستدلال على التفصيل المختار على وجه مبسوط ، ويظهر من ثنايا كلامه أن الاصحاب يعملون بأخبار الخاطئين في الاعتقاد مطلقاً ، حيث قال : « إذا علم من اعتقادهم تمسكهم بالدين وتحرّجهم من الكذب ووضع الاحاديث ، وهذه كانت طريقة جماعة عاصروا الائمة عليهمالسلام ، نحو عبدالله بن بكير ، وسماعة بن مهران ، ونحو بني فضّال من المتأخرين عنهم ، وبني سماعة ومن شاكلهم ، فاذا علمنا أن هؤلاء الذين أشرنا اليهم وان كانوا مخطئين في الاعتقاد من القول بالوقف وغير ذلك ، كانوا ثقاتاً في النقل ، فما يكون طريقه هؤلاء ، جاز العمل به » (٢).
نعم يظهر من بعض عبائره أن ما اختاره من التفصيل هو خيرة الاصحاب أيضاً (٣).
ومع ذلك كلّه فلا تطمئن النفس بأن ما اختاره هو نفس مختار قدماء
__________________
١ ـ عدة الاصول : ١ / ٣٣٦ ، الطبعة الحديثة.
٢ ـ عدة الاصول : ١ / ٣٥٠.
٣ ـ لاحظ ما ذكره في عمل الاصحاب بما رواه حفص بن غياث ونوح بن دراج والسكوني في عدة الأُصول : ١ / ٣٨٠.