لاشتراك الناقض والموجب في الحكم ، ومنع مساواة ما بعد الإكمال لما قبله ؛ لأنّه بعد الإكمال ارتفع الحدث ، فأمكن طروء حدثٍ آخر ، بخلاف الأثناء ، وبأنّ أثر الأصغر إنّما هو الوضوء ، فلو سلّم تأثيره ، كان اللازم الوضوء خاصّة. (١)
وجواب الأوّل : أنّه عنى بالإبطال إبطال الاستباحة التي هي غايته ، وهو استعمال شائع ، وقد صرّح به في العبارة التي حكيناها عنه من النهاية.
وقد تقدّم جواب الثاني ؛ فإنّ الأصل في الحدث التأثير حيثما وقع ، والاجتزاء بالغسل عنه مع الجنابة ؛ للنصّ لا يرفع ما ثبت له من الحكم ، والأصل في الحدث الأصغر إيجاب الوضوء ، لكن امتنع هنا ؛ للإجماع على عدمه في غسل الجنابة ، وقد تقدّم تحقيق ذلك.
واحتجّ في الذكرى بنحو ما ذكرناه ، وحاصله : أنّ الحدث لا يخلو عن أثرٍ ما مع تأثيره بعد الكمال ، والوضوء ممتنع في غسل الجنابة. (٢)
وزيّفه ذلك المحقّق بأنّ أثر الحدث الأصغر لا يظهر ما دام الأكبر موجوداً ، وما لم يتمّ الغسل فالحدث بحاله. ولو سُلّم فلِمَ لا يكون أثره هنا كأثره قبل الشروع في الغسل. (٣)؟
وقد تقدّم جواب هذا التزييف منقّحاً.
قال في الذكرى : وقد قيل : إنّه مرويّ عن الصادق عليهالسلام في كتاب عرض المجالس للصدوق. (٤)
واعترض (٥) بأنّ مثل هذه الرواية لا اعتبار بها في الاستدلال.
وأنت خبير بأنّ الشهيد رحمهالله لم يخرجها للاستدلال ، بل لما كان الظاهر أنّه ليس في المسألة نصّ عن أئمّة الهدى عليهمالسلام.
وذكر بعض (٦) الأفاضل أنّ في الإعادة روايةً في الكتاب المشار إليه ذكره على جهة الإرشاد لأعلى جهة الاستدلال لتحاشيه عن توهّم مثل ذلك ، رحمهالله تعالى.
__________________
(١) المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٢٧٥.
(٢) الذكرى ٢ : ٢٤٨.
(٣) جامع المقاصد ١ : ٢٧٥.
(٤) الذكرى ٢ : ٢٤٨.
(٥) المعترض هو المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٢٧٥.
(٦) لم نتحقّقه.