(خاتمة) لمباحث إزالة النجاسات
في أحكام الأواني
والقصد الذاتي من ذكرها هنا بيان حكم تطهيرها وكيفيّته ، وقد جرت العادة بانجرار البحث فيها إلى ما هو أعمّ من تطهيرها ، فيذكر الجنس الذي يجوز اتّخاذها منه وما لا يجوز كما قال : (يحرم استعمال أواني الذهب والفضّة في الأكل وغيره) لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله لا تشربوا في آنية الذهب والفضّة ولا تأكلوا في صحافها ؛ فإنّها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (١) وقوله صلىاللهعليهوآله الذي يشرب في آنية الفضّة إنّما يُجَرجِرُ في جوفه نار جهنّم (٢) يقال : جرجر الشراب ، أي : صوّت.
والمراد أنّه بفعله مستحقّ للعذاب على أبلغ وجوهه ، فالمُجرجر في جوفه ليس إلا نار جهنّم ، والوعيد بالنار إنّما يكون على فعل المحرّم ، وإذا حرم الشرب حرم غيره ؛ لأنّه أبلغ. ولعدم القائل بالفرق ، ويلزم من تحريمه في الفضّة تحريمه في الذهب بطريق أولى.
وهل يحرم اقتناؤها لغير الاستعمال ، بل للادّخار أو تزيين المجالس؟ الأكثر على التحريم ؛ لما رواه محمّد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام أنّه نهى عن آنية الذهب والفضّة (٣) ، والنهي للتحريم ، ولمّا امتنع تعلّقه بالأعيان ؛ لأنّه من أحكام فعل المكلّف ، وجب المصير إلى أقرب المجازات إلى الحقيقة ، والاتّخاذ أقرب من الاستعمال ؛ لأنّه يشمله ، بخلاف العكس.
__________________
(١) صحيح البخاري : ٥ : ٢١٣٣ / ٥٣١٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٣٧ و ١٦٣٨ / ٢٦٠٧ ، سنن البيهقي ١ : ٤٤ / ١٠٣.
(٢) صحيح البخاري ٥ : ٢١٣٣ / ٥٣١١ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٣ / ٢٠٦٥ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢ / ٩٩.
(٣) الكافي ٦ : ٢٦٧ / ٤ ، التهذيب ٩ : ٩٠ / ٣٨٥.