وأمّا مسّ القطعة ذات العظم : فقد تقدّم الكلام فيها ، وأنّ الشيخ ادّعى الإجماع على وجوب الغسل بمسّها إذا أُبينت من ميّت ، (١) وبه مع ذلك رواية مرسلة رواها أيّوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة ، فإذا مسّه إنسان فكلّ ما كان فيه عظم فقد وجب على مَنْ مسّه الغُسلُ ، وإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه. (٢)
وهذه الرواية قد تدلّ بإطلاقها على حكم المبانة من الحيّ والميّت وإن كان الأصحاب قد ذكروها في الميّت خاصّة. وردّها المحقّق (٣) بالإرسال.
ويمكن أن يقال : إنّ هذه القطعة من شأنها الحياة ، فإذا قُطعت ، صدق اسم الميّت عليها ؛ لأنّ الموت عدم الحياة عمّا من شأنه أن يكون حيّاً ، فكلّ ما دلّ على حكم الميّت دلّ عليها ، فإن تمّ ذلك ، ثبت الحكم في القطعتين من غير فرق ، ولا ريب أنّ وجوب الغسل بمسّهما أولى وأحرى ، خصوصاً مع حكم أجِلة الأصحاب بالتسوية بينهما في الوجوب ، كالمصنّف (٤) في سائر كتبه ، والشهيد (٥) وغيرهما ، (٦) ودعوى الشيخ (٧) الإجماع ، مع أنّ المنقول بخبر الواحد حجّة عند المحقّقين ، فلا عبرة بقدح المحقّق (٨) فيه ، وضعف الخبر قد ينجبر بالشهرة وقبول الأصحاب.
وهل العظم المجرّد من اللّحم بحكم ذات العظم سواء اتّصل أم انفصل؟ قيل (٩) نعم ؛ لدوران الغسل معه وجوداً وعدماً ، وهو اختيار الشهيد (١٠) رحمهالله.
ويضعّف : بمنع علّيّة الدوران ، وبجواز كون العلّة هي المجموع المركّب منه ومن اللحم ، ولأنّ العظم طاهر في نفسه ؛ إذ لا تحلّه الحياة ، فلا يفيد غيره نجاسةً ، ولو فرضت نجاسته ،
__________________
(١) الخلاف ١ : ٧٠١ ، المسألة ٤٩٠.
(٢) التهذيب ١ : ٤٢٩ ـ ٤٣٠ / ١٣٦٩ ؛ الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٥.
(٣) المعتبر ١ : ٣٢٥.
(٤) تحرير الأحكام ١ : ٢١ ؛ مختلف الشيعة ١ : ١٥١ ، المسألة ١٠١ ؛ منتهى المطلب ٢ : ٤٥٨ ؛ نهاية الإحكام ١ : ١٧٣.
(٥) البيان : ٨٢ ؛ الذكرى ٢ : ٩٦.
(٦) كالمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٥٩.
(٧) الخلاف ١ : ٧٠١ ، المسألة ٤٩٠.
(٨) المعتبر ١ : ٣٥٢.
(٩) انظر : جامع المقاصد ١ : ٤٦٤.
(١٠) الذكرى ٢ : ١٠٠ ؛ الدروس ١ : ١١٧.