واختار في المعتبر الاستحباب ؛ محتجّاً بالاستصحاب ، وبقول الصادق عليهالسلام حين سُئل عن الشرب في القدح فيه ضبّة من فضّة ، فقال لا بأس إلا أن يكره الفضّة فينزعها منه (١) ـ (٢).
ولا دلالة له على مطلوبه ؛ فإنّه إنّما دلّ على جواز (استعمال المفضّض) (٣) لأعلى جواز استعمال موضع الفضّة ، وما تقدّم صريح في وجوب العزل عن موضعها.
(وأواني المشركين طاهرة) كسائر ما بأيديهم ممّا لا يشترط فيه ولا في أصله التذكية ؛ للأصل ، وقول الصادق عليهالسلام كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر (٤) وغيره من الأخبار (ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة) على وجه يلزم منه نجاستها.
وليس العلم بذلك مقصوراً على الإدراك بالحواسّ ، بل ما حصل به العلم من طرقه الموجبة له ، كالخبر المحفوف بالقرائن وغيره ، كما حقّق في محلّه.
وعلى تقدير الحكم بالطهارة يستحبّ اجتنابها ؛ حملاً للأخبار المقتضية لغَسلها من غير تقييد على الاستحباب ، أو لكونهم لا يتوقّون النجاسة ، أو لحصول الظنّ بنجاستها ، فليخرج باجتنابها أو غَسلها من خلاف أبي الصلاح حيث حكم بثبوت النجاسة بكلّ سبب يثير الظنّ (٥).
(وجلد الذكي) أي المذكّى ممّا هو قابل للذكاة من ذي النفس (طاهر) سواء كان مأكول اللحم أم لا ، ولا يشترط في طهارته مع الذكاة الدبغُ ، كما يقتضيه إطلاق العبارة ، وهو أشهر الأقوال ؛ للأصل ، ولقوله عليهالسلام دباغ الأديم ذكاته (٦) ولوقوع الذكاة عليه فيستغنى عن الدباغ ؛ إذ لو لم يقع عليه ، لكان ميتةً ، وهي لا تطهر بالدباغ ، لكن يكره استعماله قبله ؛ تفصّياً من الخلاف.
واحترز بذي النفس عمّا لأنفس له ، كالسمك ؛ فإنّ جلده طاهر ؛ لأنّه لا ينجس بالموت.
(وغيره) أي غير الذكي ، وهو جلد الميتة وما لا يقبل الذكاة (نجس) وإن دُبغ ؛ لإطلاق
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٩١ / ٣٩١.
(٢) المعتبر ١ : ٤٥٥ ـ ٤٥٦.
(٣) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : «الاستعمال».
(٤) التهذيب ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ / ٨٣٢ ، وفيه «كلّ شيء نظيف ..».
(٥) لم نعثر عليه في مظانّه.
(٦) سنن الدارقطني ١ : ٤٥ / ١٣ ، سنن البيهقي ١ : ٣٣ / ٧٠ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٧ : ٤٦ / ٦٣٤١ ، وفيه «ذكاة الأيم دباغه».