والنبيذ وغيرها. واختلاف الأسماء يدلّ على اختلاف المسمّيات هكذا في الهداية وغيرها. والوجه الخامس قوله تعالى : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) (١). فالمراد بلفظ الخمر هاهنا العنب لا غير بإجماع المفسّرين واتفاق العلماء المتقدّمين والمتأخرين من قبيل إطلاق المسبّب على السّبب. والأصل المتفق عليه في هذا الباب أنّ السّبب يستعار للمسبّب مطلقا ، أي سواء كان السّبب مختصّا بالمسبّب أو لا. وأمّا استعارة المسبّب للسّبب فلا يصحّ إلاّ إذا كان المسبّب مختصّا بالسبب (٢) ، يعني لا يكون لذلك المسبّب سبب آخر كما في لفظة الخمر فإنّها مختصة بالعنب ، هكذا في كلّيات أبي البقاء الحسني الكفوي الحنفي.
وفي الدرر : الشراب لغة كلّ ما يشرب مسكرا كان أو لا. وشرعا مائع يسكر ، انتهى كلامه. والأصول التي تتخذ منها الأشربة هي العنب والزبيب والتمر وكالحبوب كالحنطة والشعير والذرة والفواكه كالإجاص والفرصاد والشّهد والفانيذ (٣) والألبان. أمّا العنب فما يتخذ منه خمسة الخمر والباذق والمنصف والمثلث والبختج ، والمتّخذ من الزبيب شيئان نقيع ونبيذ ، والمتّخذ من التمر ثلاثة السّكر والنقيع والنبيذ ، والمتّخذ من الحبوب والفواكه وغيرهما شيء واحد حكما وإن اختلف اسما من النقيع لنبيذ العسل ، كذا في الكفاية. والأطباء إذا أطلقوا الشراب أرادوا به الخمر. وإذا قالوا الشراب الممزوج أرادوا به ما يمزج بالماء ، وما ليس بممزوج يسمّى بالشراب الخالص والصرف. اعلم أنّ للشراب أربع مراتب : الحديث وهو الشّراب الذي لم تمض عليه ستة أشهر ويقال له العصير. والذي مضت عليه ستة أشهر ولا يزيد على السنة يسمّى الشراب المتوسّط. والذي مضى عليه أربع سنين يسمّى القديم والمتوسّط يسمّى العتيق. والشراب الريحاني هو الشراب الصّرف الطيب الرائحة. وقيل هو خالص الصفرة أو الحمرة أو الخضرة ، متوسّط القوام عطر الرائحة جدا طيّب الطعم. قال السديدي هو الشراب الرقيق الأخضر اللون الطيب الرائحة اللطيف القوام الصّافي الصّرف والشراب المغسول هو المثلّث وشراب الحصرم وشراب الإجاص هو شربته عند الأطباء لا ربّه. والفرق بينهما أنّ الشّراب يقوّم مع السّكر والرّبّ يقوّم العصارة بلا سكر ، كذا في بحر الجواهر وغيره. فللشراب معنيان أحدهما المشروب من المائعات أي السّيّالات ، وثانيهما المائع الذي يقوم مع السّكر. ولذا قال في بحر الجواهر الأشربة هي السّيالات التي يطرح فيها السّكر وما يجري مجراها ، والشراب عند الصوفية هو العشق. ويقول في كشف اللغات : الشراب عند السّالكين عبارة عن العشق والمحبة والغيبوبة والسّكر الحاصل من جلوة المحبوب الحقيقي بحيث يصير ساكتا وغائبا عن ذاته ، والشراب هو سمع نور العارفين الذي يضيء في قلب العارف من أصحاب الشهود ، فينوّر ذلك القلب (٤).
الشرب : [في الانكليزية] Drinking water ، watering place ـ [في الفرنسية] Eau potable ، abrevoir
بالكسر وسكون الراء المهملة لغة الماء
__________________
(١) يوسف / ٣٦.
(٢) أولا ... مختصا بالسبب (ـ م).
(٣) الفرصاد : التوت ، والفانيذ : ضرب من الحلوى.
(٤) در كشف اللغات ميگويد شراب نزد سالكان عبارت از عشق ومحبت وبى خودي ومستى است كه از جلوه محبوب حقيقي حاصل شود وساكت وبيخود گرداند وشراب سمع نور عارفان است كه در دل عارف صاحب شهود افروخته ميگردد وآن دل را منور كند.