ولغوي. أمّا العقلي فكالحيوة للعلم فإنّ العقل هو الذي يحكم بأنّ العلم لا يوجد إلاّ بحياة. وأمّا الشّرعي فكالطّهارة للصّلاة فإنّ الشّرع هو الحاكم بذلك. وأمّا العادي فكالنّطفة في الرّحم للولادة. وأمّا اللغوي فمثل قولنا إن دخلت الدار من قولنا أنت طالق إن دخلت الدار ، فإنّ أهل اللغة وضعوا هذا التركيب ليدلّ على أن ما دخلت عليه إن هو الشرط والآخر المعلّق به هو الجزاء. ثم الشرط اللغوي صار استعماله في السّببية غالبا. يقال إن دخلت الدار فأنت طالق ، والمراد (١) أنّ الدخول سبب للطلاق يستلزم وجوده وجوده لا مجرّد عدمه مستلزما لعدمه من غير سببية. وفيما لم يبق للمسبّب أمر يتوقّف عليه سواه فإذا وجد ذلك الشّرط فقد وجد الأسباب والشروط كلها فيوجد المشروط. فإذا قيل إن طلعت الشمس فالبيت مضيء فهم منه أنّه لا يتوقّف إضاءته إلاّ على طلوعها انتهى. وقد قسم السّيد السّند الشرط إلى عقلي وعادي وشرعي ، ويجيء في لفظ المقدمة.
اعلم أنّ الحنفية قالوا : الشّرط على أربعة أضرب : شرط محض وهو ما يمتنع بدونه وجود العلّة ، فإذا وجد الشرط وجدت العلّة ، فيصير الوجود مضافا إلى الشرط (٢) دون الوجوب ، وهو إمّا حقيقي يتوقّف عليه وجود (٣) الشيء في الواقع أو بحكم الشرع حتى لا يصحّ الحكم بدونه أصلا كالشهود للنكاح ، وإمّا جعلي يعتبره المكلّف وتعلّق عليه تصرفاته ، فإنّه إمّا بكلمة الشرط مثل إن تزوجتك فأنت طالق ، أو بدلالة كلمة الشّرط بأن يدلّ الكلام على التعليق دلالة كلمة الشّرط عليه ، مثل المرأة التي أتزوجها طالق لأنّه في معنى إن تزوجت امرأة فهي طالق ، باعتبار أنّ ترتّب الحكم على الوصف تعليق له به كالشرط. وشرط فيه معنى العلّة وهو الذي لا تعارضه علّة تصلح أن يضاف الحكم إليها فيضاف إليه ، أي إذا لم يعارض الشّرط علّة صالحة لإضافة الحكم إليها فالحكم يضاف إلى الشرط لأنّه يشابه العلّة في توقّف الحكم عليه ، بخلاف ما إذا وجدت حقيقة العلّة الصالحة فإنّه لا عبرة حينئذ بالشّبيه والخلف ، فلو شهد قوم بأنّ رجلا علّق طلاق امرأته الغير المدخولة بدخول الدار وآخرون بأنّها دخلت الدار ، وقضى القاضي بوقوع الطلاق ولزوم نصف المهر فإن رجع شهود دخول الدار وحدهم ضمنوا للزوج ما أدّاه إلى المرأة من نصف المهر لأنّهم شهود الشّرط السّالم عن جميع معارضة العلّة الصالحة لإضافة الحكم إليها. وإذا رجع شهود دخول الدار وشهود اليمين أي التعليق جميعا فالضمان على شهود التعليق لأنّهم شهود العلّة. وشرط فيه معنى السببية وهو الذي اعترض عليه فعل فاعل مختار غير منسوب إليه ، أي الذي حصل بعد حصوله فعل فاعل مختار غير منسوب ذلك الفعل إلى الشرط ، فخرج الشّرط المحض ، إذ التعليق وهو فعل المختار لم يعترض على الشرط بل بالعكس ، وخرج ما إذا اعترض على الشّرط فعل غير مختار بل طبيعي (٤) ، كما إذا شقّ زقّ الغير فسال الماء فتلف وخرج ما إذا كان المختار منسوبا إلى الشّرط كما إذا فتح الباب على وجه يفرّ الطائر فخرج فإنّه ليس في معنى السّبب بل في معنى العلّة. ولذا يضمن كما إذا حلّ قيد عبد الغير لا يضمن عندنا ، فإنّ الحلّ لمّا سبق الإباق الذي هو علّة التّلف صار
__________________
(١) والمقصود (م ، ع).
(٢) الشروط (م).
(٣) وجود (ـ م).
(٤) طبعي (ع).