يسمّى حالا والثاني أعني المنعوت يسمّى محلا كالتعلّق بين البياض والجسم المقتضي لكون البياض نعتا ، وكون الجسم منعوتا به ، بأن يقال جسم أبيض. وهذا هو المرضي عند المتأخرين ، ومنهم الشارح الجديد للتجريد (١). وأورد عليه من وجوه. الأول أنه إن أريد بالاختصاص الناعت ما يصحّح حمل النعت على المنعوت بالمواطأة فلا يصدق على حلول أصلا ، إذ لا تحمل الصورة على الهيولى ولا العرض كالبياض على الجسم. وإن أريد به ما يصحّ حمله عليه بالاشتقاق أو الأعمّ فيلزم أن يكون المال حالا في المالك وبالعكس ، وكذا حال الجسم مع المكان والكوكب مع الفلك ، بل يكون الموضوع والهيولى حالا في العرض والصورة إذ يصح أن يقال المالك ذو مال وبالعكس ، والجسم والكوكب ذو مكان وذو فلك وبالعكس ، والعرض والهيولى ذو موضوع وذو صورة. وأجاب عنه السّيد السّند بما حاصله اختيار الثاني والثالث من الترديد. والمراد أن يكون النعت بذاته نعتا للمنعوت كالبياض فإنّه بذاته وصف للجسم بخلاف المال فإنّه ليس بذاته صفة للمالك ، بل الصفة إنّما هو التملك الذي هو إضافة بين المال والمالك ، والمال بواسطة تلك الإضافة نعت له ، وكذا حال الجسم والكوكب مع المكان والفلك ، وكذا الموضوع والهيولى مع العرض والصورة. ومحصوله أنّ هذا الاختصاص أمر بديهي لا يتحقّق إلاّ فيما له حصول في الآخر على وجه لا يكون للنعت جزء يتميّز عن المنعوت في الوضع إذا كان من المحسوسات. وأجيب أيضا باختيار الشقّ الثاني أو الثالث. والمراد من التعلّق الخاص ما هو على وجه الافتقار بأن يكون أحدهما مفتقرا إلى الآخر. وفيه أنّ الهيولى بالنسبة إلى الصورة والعلّة بالنسبة إلى المعلول يصدق عليه الاختصاص بالاشتقاق على وجه الافتقار. ويمكن الجواب أيضا باختيار الثاني أو الثالث وبجعل التمثيل وهو قوله كالتعلّق بين البياض والجسم الخ من تتمّة التعريف. ولا يخفى أنّ تعلّق المال بالمالك والجسم بالمكان والكوكب بالفلك والهيولى بالنسبة إلى الصور وغيرها وأمثالها ممّا لم يذكر ليس كتعلّق البياض بالجسم. والثاني أنّ تفسير الاختصاص الناعت بالتعلّق الخاص تعريف للاختصاص بالخاصّ فيلزم تعريف الشيء بنفسه. والثالث أنّ تفسيره بقوله بحيث يصير أحد المتعلّقين نعتا الخ تعريف للنعت بالنعت. والجواب عنهما أنّ هذا التفسير تنبيه لا تعريف. ويظهر من هذا التنبيه الجواب عن جميع ما فيه. والرابع أنّه يصدق على اختصاص الصفات الاعتبارية كالوجوب والإمكان والحدوث وغير ذلك ، ويلزم منه أن يكون هذه الصفات حالة وليس كذلك ، لأنّهم حصروا الحال في الصورة والعرض. والجواب أنّ المراد الاختصاص الناعت بالنعوت الحقيقية. أو نقول إنّ هذا ليس بتفسير بل تنبيه كما عرفت كذا ذكر العلمي. وقال بعض المتكلّمين الحلول هو الحصول على سبيل التبعية. قال جمهور المتكلّمين إنّ الله تعالى لا يحلّ في غيره لأنّ الحلول هو الحصول على سبيل التبعية وإنّه ينفي الوجوب الذاتي. إن قيل يجوز أن يكون الحلول بمعنى الاختصاص الناعت كما في الصفات وكونه منافيا للوجوب ممنوع وإلاّ لم يقع الترديد في الصفات. قيل لا يراد بالتبعية (٢) في التحيّز حتى يرد أنّ الحلول بمعنى الاختصاص الناعت ، بل أريد أنّ الحال تابع للمحلّ في الجملة ،
__________________
(١) الشرح الجديد : لعلاء الدين علي بن محمد الشهير بقوشنجي (ـ ٨٧٩ هـ) وهو شرح لكتاب تجريد الكلام للعلامة نصير الدين أبي جعفر محمد بن محمد الطوسي (ـ ٦٧٢ هـ). كشف الظنون ، ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٨.
(٢) التبعية (م ، ع).