هذين الوجهين صح أن يطرح طهارة أهل البيت في أثناء المحاورة مع نساء النبي والكلام حول شوَونهن.
ولقد قام محقّقو الاِمامية ببيان مناسبة العدول في الآية ، نأتي ببعض تحقيقاتهم ، قال السيد القاضي التستري : «لا يبعد أن يكون اختلاف آية التطهير مع ما قبلها على طريق الالتفات من الاَزواج إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام على معنى أنّ تأديب الاَزواج وترغيبهن إلى الصلاح والسداد ، من توابع إذهاب الرجس والدنس عن أهل البيت عليهمالسلام ، فالحاصل نظم الآية على هذا : انّ اللّه تعالى رغب أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى العفة والصلاح بأنّه إنّما أراد في الاَزل أن يجعلكم معصومين يا أهل البيت واللائق أن يكون المنسوب إلى المعصوم عفيفاً صالحاً كما قال : (والطّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) (١) (٢).
وقال العلاّمة المظفر : وإنّما جعل سبحانه هذه الآية في أثناء ذكر الاَزواج وخطابهن للتنبيه على أنّه سبحانه أمرهن ونهاهن وأدّبهن إكراماً لاَهل البيت وتنزيهاً لهم عن أن تنالهم بسببهن وصمة ، وصوناً لهم عن أن يلحقهم من أجلهن عيب ، ورفعاً لهم عن أن يتصل بهم أهل المعاصي ، ولذا استهل سبحانه الآيات بقوله : (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) ضرورة أنّ هذا التميّز انّما هو للاتصال بالنبي وآله ، لا لذواتهن فهن في محل ، وأهل البيت في محل آخر ، فليست الآية الكريمة إلاّ كقول القائل : يا زوجة فلان لست كأزواج سائر الناس فتعفّفي ، وتستّري ، وأطيعي اللّه تعالى ، إنّما زوجك من بيت أطهار يريد اللّه حفظهم من الاَدناس وصونهم عن النقائص(٣).
__________________
١. النور : ٢٦.
٢. إحقاق الحق : ٢ / ٥٧٠.
٣. دلائل الصدق : ٢ / ٧٢.