وقال بعضهم : محل هدي المحصر لا يحل له غيره فإن كان حاجا فمحله يوم النحر وإن كان معتمرا يوم مبلغ هديه الحرم.
روى إبراهيم الجعفي عن عبد الرحمن بن زيد قال : خرجنا مهلين بعمرة وفينا الأسود بن يزيد حتّى نزلنا ذات السقوف فلدغ صاحب لنا فشق ذلك عليه ولم يدر كيف يصنع ، فخرج بعضنا إلى الطريق يتشوّف فإذا بركب فيهم عبد الله بن مسعود فسألوه عن ذلك فقال : ليبعث بهدي إلى مكّة ، واجعلوا بينكم وبينه إمارة فإذا ذبح الهدي فليحل وعليه قضاء عمرته.
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) معنى الآية (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) حال الإحرام إلّا أن يضطر الرجل حلقه إما لمرض يحتاج إلى مداواته.
(أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) من هوام وصداع فحلق أو فدي (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ) نزلت هذه الآية في كعب بن حجر
قال : مرّ بي رسول الله صلىاللهعليهوسلم زمن الحديبية ولي وفرة من شعر فيها القمل والصئبان وهو يتناثر على وجهي (وانا أقبح (١)) فدبر اليّ.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أيؤذيك هوام رأسك؟ قلت : نعم يا رسول الله.
قال : «فاحلق رأسك» [٨٧] (٢) فأنزل الله (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ) ثلاثة أيام.
(أَوْ صَدَقَةٍ) على ست مساكين لكل مسكين نصف صاع (أَوْ نُسُكٍ) أو ذبيحة واحدها نسكة.
وقرأ الحسن : أَوْ نُسْكٍ تخفيفا وهي لغة تميم.
قال العلماء : أعلاها بدنه وأوسطها بقرة وأدناها شاة وهو مخير بين هذه الثلاثة إن شاء فعل.
وقال أنس وعكرمة : (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ) عشرة أيام (أَوْ صَدَقَةٍ) على عشرة مساكين لكل مسكين مد من بر أو مد من تمر (أَوْ نُسُكٍ) وهي الشاة والقول الأول هو الصحيح وهو المشهور وهذه (الفريضة (٣)) أن يأتي بها أجمعوا على أنه يصوم حيث شاء من البلاد.
واما النسك والطعام ، فقال بعضهم : يجب أن تكون مكّة.
وقال بعضهم : أي موضع شاء وهو الصواب لأنه أبهم في الآية ولم يخصّ مكانا دون مكان.
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٢٠٨ ، وصحيح مسلم : ٤ / ٢١.
(٣) هكذا في الأصل.