وعن علي بن الأشدق عن عبد الله بن [حراد] (١) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ان إبراهيم غدا من فلسطين فحلفت سارة إن لا ينزل عن ظهر دابته حتّى يرجع إليها من الغيرة فأتى إسماعيل ثمّ رجع فحبسته سارة سنة ثمّ استأذنها فأذنت له فخرج حتّى بلغ مكّة وجبالها فبات ليلة يسير ويسعى حتّى أذن الله عزوجل له في ثلث الليل الأخير عند سند جبل عرفة ، فلما أصبح عرف البلاد والطريق فجعل الله عزوجل عرفة حيث عرف فقال : اجعل بيتك أحبّ بلادك إليك حتّى يهوي الله قلوب المسلمين (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)» [٩٣].
عبد الملك عن عطاء قال : إنّما سميت عرفات لأن جبرئيل عليهالسلام كان يري إبراهيم المناسك ويقول : عرفت ثمّ يريه فيقول : عرفت فسميت عرفات.
وروى سعيد بن المسيب عن علي رضياللهعنه قال : بعث الله عزوجل جبرئيل إلى إبراهيم فحج به حتّى إذا [جاء] عرفات قال : قد عرفت ، وكان قد أتاها مرة قبل ذلك فسميت عرفات.
وروى أبو الطفيل عن ابن عبّاس قال : إنّما سمي عرفة لأن جبرئيل عليهالسلام أرى إبراهيم فيه بقاع مكّة ومشاهدها وكان يقول يا إبراهيم هذا موضع كذا وهذا موضع كذا ويقول قد عرفت ، قد عرفت.
وروى أسباط عن السّدي قال : لما أذن إبراهيم بالناس فأجابوه بالتلبية وأتاه من أتاه أمره الله أن يخرج إلى عرفات فنعتها له فلمّا خرج وبلغ الشجرة المستقبلة للشيطان فرماه بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة فطار فوقع على الجمرة الثانية فرماه وكبّر فطار فوقع على الجمرة الثالثة فرماه وكبّر فلما رأى إنه لا يطيقه ذهب ، فانطلق إبراهيم حتّى وقف بعرفات ، فلما نظر إليها عرفها بالنعت فقال : عرفت ، فسمي عرفات بذلك وسمي ذلك اليوم عرفة لأن إبراهيم رأى ليلة التروية في منامه أن يؤمر بذبح ابنه فلما أصبح يومه أجمع أيّ فكر أمن الله هذا الحكم أمن الشيطان وسمي اليوم من فكرته تروية ثمّ رأى ليلة عرفة ذلك ثانيا فلما أصبح عرف أن ذلك من الله فسمي اليوم يوم عرفة.
وقال بعضهم : سميت بذلك لأن الناس يعترفون في هذا اليوم على ذلك [الموقف] بالذنوب والأصل نسيان آدم عليهالسلام لما أمر بالحجّ وقف بعرفات يوم عرفة قال : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢).
وقيل : هي مأخوذة من العرف ، قال الله تعالى (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) (٣) أي طيّبها ،
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) سورة الأعراف : ٢٣.
(٣) سورة محمد صلىاللهعليهوسلم : ٦.