محمّدا صلىاللهعليهوسلم وحده وقوله (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) يعني نعيم بن مسعود الأشجعي (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) يعني أبا سفيان وإنّما يقال هذا للذي يقتدي به ويكون لسان قومه وإمامهم كقوله (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) (١) فذكر الواحد بلفظ الجمع ومثله كثير [وقيل :] الناس هاهنا آدم عليهالسلام ، دليله قول سعيد بن جبير : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) ، وقيل : هو آدم نسي ما عهد إليه والله أعلم.
الحكم بن عيينة عن مقسم عن ابن عبّاس قال : أفاض رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عرفه وعليه السكينة والوقار رديفه أمامة وقال : «أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل ، قال : فما رأيتها رافعة يديها عادية ـ الخيل فالإبل ـ حتّى أتى جمعا» [٩٤] (٢).
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا بكر الصديق رضياللهعنه على الحجّ وأمره أن يخرج بالناس جميعا إلى عرفات فيقف بها فإذا غربت الشمس أفاض بالناس منها حتّى يأتي بهم جمعا فيبيت بها حتّى إذا أصبح بها وصلّى الفجر ووقف الناس بالمشعر الحرام ثمّ يفيض منها إلى منى قال : فتوجه أبو بكر نحو عرفات فمرّ بالحمس وهم وقوف بجمع فلمّا ذهب يتجاوزهم قالت له الحمس : يا أبا بكر أين تجاوزنا إلى غيرنا هذا مفيض آبائك فلا تذهب حتّى تفيض أهل اليمن وربيعة من عرفات فمضى أبو بكر لأمر الله وأمر رسوله حتّى أتى عرفات وبها أهل اليمن وربيعة وهم الناس في هذه الآية فوقف بها حتّى غربت الشمس ، ثمّ أفاض بالناس إلى المشعر الحرام حتّى وقف بها حتّى إذا كان عند طلوع الشمس أفاض منها.
(وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
أبي رباح عن أبي طالح السمان عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الحجاج والعمار وفد الله عزوجل إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم» [٩٥] (٣).
عن مجاهد أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «اللهمّ اغفر للحاجّ ولمن استغفر له الحاجّ» [٩٦] (٤).
وعن علي بن عبد العزيز يقول : كنت عديلا لأبي عبيد بن سلام لسنة من السنين فلما صرت إلى الموقف تصدق إلى [نفسي] حب النخل فتطهرت ونسيت نفقتي عنده ، فلما صرت إلى [المارقين] (٥) قال لي أبو عبيدة : لو اشتريت لنا زبدا وتمرا ، فخرجت لأبتاعه فذكرت النفقة
__________________
(١) سورة النحل : ١٢٠.
(٢) سنن ابن داود : ١ / ٤٣١ ، والسنن الكبرى : ٥ / ١١٩.
(٣) سنن ابن ماجة : ٢ / ٩٦٦ ح ٢٨٩٢ ، ومجمع الزوائد : ٣ / ٢١١.
(٤) المستدرك على الصحيحين : ١ / ٤٤١ ، والسنن الكبرى : ٥ / ٢٦١.
(٥) هكذا في الأصل.