وروى ابن سيرين عن ابن عمر قال : المسكر قليله وكثيره حرام ، وروى أبو عوانة عن زيد ابن عمر قال : سألت ابن عمر عن الأشربة فقال : اجتنب كلّ شيء فيه شيء مسكر ، واحتجوا أيضا بما أسندوه إلى يحيى بن يمان عن سفيان عن منصور عن مخلد بن سعيد عن ابن مسعود قال : عطش النبي صلىاللهعليهوسلم حول الكعبة فاستسقى فأتي بنبيذ من السقاية فشمّه وقطب وقال : «عليّ بذنوب من زمزم» فصبّه عليه ثم شرب فقال رجل : أحرام هو يا رسول الله قال : لا (١).
قال أبو عبد الرحمن : هذا خبر ضعيف لأن يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان ، ويحيى بن يمان لا يحتج بحديثه ، لكثرة خطئه وسوء حفظه ، وعن زيد بن واقد عن خالد بن الحسين قال : سمعت أبا هريرة يقول : علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يصوم في بعض الأيام التي كان يصومها ، فتحيّنت فطره بنبيذ صنعته في دباء ، فلمّا كان المساء جئته أحملها إليه فقلت : يا رسول الله إني علمت أنك تصوم في هذا اليوم فتحيّنت فطرك بهذا النبيذ فقال : ادن مني يا أبا هريرة فرفعته إليه فإذا هو [ينش] فقال : «خذ هذه واضرب بها الحائط ، فإنّ هذا شراب من (لا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)» (٢).
واحتجّوا أيضا بما أسندوه إلى سفيان عن يحيى بن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيّب يقول : تلقّت ثقيف عمر بشراب فدعا به ، فلمّا قرّبه إلى فيه كرهه فخلطه بالماء فقال : هكذا فافعلوا. واحتجّوا بما أسندوه إلى أبي رافع أن عمر بن الخطاب قال : إذا خشيتم من نبيذ لشدّته فأكسره (٣).
واحتجوا بما قاله بعض أصحابنا وهو عبد الله بن المبارك معنى أكسره بالماء من قبل أن يشتدّ ، ودليل هذا التأويل ما روى ابن شهاب هو سفيان بن يزيد أن عمر خرج عليهم فقال : إني وجدت من فلان ريح الشراب فزعم أنه شرب الطلا فإني سائل عما يشرب فإن كان مسكرا جلدته فجلد عمر الحدّ تامّا.
وروى إبراهيم عن ابن سيرين قال : يعد عصيرا ممن متّخذه طلا ولا يتخذه خمرا قال أبو سعيد الطلا الذي قد طبخ حتّى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، سمّي بذلك لأنه شبيه بطلاء الإبل في ثخنه وسواده (٤).
قال عبيد بن الأبرص :
__________________
(١) سنن النسائي : ٨ / ٣٢٥.
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ١٩٢ ، والسنن الكبرى : ٣ / ٢٣٧.
(٣) المصدر السابق.
(٤) السنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ٢٩٥.