وأدماء مثل الفحل يوما عرضتها |
|
لرحلي وفيها هزّة وتقاذف (١) |
ثم قيل لكل ما يصلح لشيء هو عرضة له ، حتى قالوا للمرأة : هي عرضة للنكاح إذا صلحت له وقويت عليه ، ويقال فلان عرضة للسهر والحرب ، قال حسّان :
وقال الله قد يسّرت جندا |
|
هم الأنصار عرضتها اللقاء (٢) |
قال المفسرون : هذا في الرجل يحلف بالله تعالى لا يصل رحما ولا يكلّم قرابته أولا يتصدق له بالصنع خيرا ، أو يصلح بين اثنين فيعصيانه أو يتهمانه أو أحدهما فيحلف بالله لا يصلح بينهما ، فأمره الله أن يحنث في يمينه ويفعل ذلك سرّا ويكفّر عن يمينه ، فمعنى الآية ولا تجعلوا الله علّة ومانعا لكم من البرّ والتقوى ، يقول أحدكم : حلفت بالله فيغلّ يمينه في ترك البرّ والصلاح وهو قوله (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) معناه أن لا تبرّوا كقوله (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (٣) أي لئلّا تضلّوا ، وقال امرؤ القيس :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي (٤) |
ويبيّن هذه الآية ما روى سماك عن الحسين عن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها ، فأت الذي هو خير ، وكفّر عن يمينك» [١٣٤].
وقال سنان بن حبيب : قلت لسعد بن حمير : إنّي عصت عليّ مولاة لي كان مسكنها معي فحلفت أن لا تساكنني ، فقال : هذا من عمل الشيطان كفّر عن يمينك وأسكنها ثم قرأ (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ).
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) أصل اللغو في كلام العرب ما أسقط فلم يعتد به ، قال ذو الرمّة :
وتطرح بينها المرّي لغوا |
|
ما ألغيت في الماية الحوارا (٥) |
يريد بالماية التي تساق في الدية إذا وضعت ناقة منها حوارا لا يقدّمه ، والمرّي منسوب إلى امرئ القيس بن زيد بن مناة بن تميم ، قال المثقب العبدي :
أو مائة تجعل أولادها |
|
لغوا وعرض المائة الجلمد (٦) |
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٣ / ٩٨.
(٢) صحيح مسلم : ٧ / ١٦٥.
(٣) سورة النساء : ١٧٦.
(٤) الصحاح للجوهري : ٦ / ٢٢٢٢.
(٥) الصحاح : ٦ / ٢٤٨٤ ، وفيه : ويهلك بينها المرئي لغوا ، وفي اللسان : ويهلك وسطها ، والباقي مثل الصحاح.
(٦) الصحاح : ٣ / ١٠٨٩.