عن ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يوتر على راحلته ، وعن نافع أيضا أن ابن عمر كان يوتر على بعيره ، ويذكر أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يفعل ذلك ، وأجمع الفقهاء على أن الصلاة المكتوبة على الراحلة في حال الأمن لا تجوز.
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) أي مطيعين ، قاله الشعبي وعطاء وجابر بن زيد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وطاوس وابن عباس برواية عكرمة وعطية وابن أبي طلحة ، قال الضحّاك ومقاتل والكلبي : لكل أهل دين صلاة يقومون فيها عاصين ، فقوموا أنتم في صلواتكم لله مطيعين ، ودليل هذا التأويل ما روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «كل قنوت في الظهرين هو الطاعة» [١٧٤] (١).
وقال بعضهم : القنوت : السكوت [عمّا] لا يجوز التكلم به في الصلاة ، قال زيد بن أرقم : كنّا نتكلّم على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الصلاة ويكلّم أحدنا من إلى جانبه ، ويدخل الداخل فيسلّم فيردون عليه ، ويسألهم : كم صلّيتم؟ فيردّون عليه مخبرين كم صلوا ، ويجيء خادم الرجل وهو في الصلاة فيكلّمه بحاجته كفعل أهل الكتاب ، فكنّا كذلك إلى أن نزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
مجاهد : خاشعين ، قال : ومن القنوت طول الركوع وغضّ البصر والركود وخفض الجناح ، كان العلماء إذا قام أحدهم يصلّي يهاب الرحمن أن يلتفت أو يقلّب الحصى أو يعبث بشيء أو يحدّث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلّا ناسيا.
الحسن والربيع : قياما في الصلاة ، يدلّ عليه حديث جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم سئل : أيّ الصلاة أفضل؟ فقال : «طول القنوت» (٢).
وقال ابن عباس في رواية رجاء : داعين في صلاتهم ، دليله أن النبي صلىاللهعليهوسلم قنت على رجل وذكر أن أي دعاء عليهم [قد] قيل : مصلّين دليله قوله تعالى (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) أي مصلّ ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم» [١٧٥] (٣) أي المصلي الصائم (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً) أي رجّالة ، ويقال : راجل ورجال مثل صاحب وصحاب وصائم وصيام وقائم وقيام ، قال الله تعالى (يَأْتُوكَ رِجالاً) قال الأخطل :
وبنو غدانة شاخص أبصارهم |
|
يمشون تحت بطونهنّ رجالا (٤) |
يروى أنهم أحنوا مأسورين وأبصارهم شاخصة إلى ولدهم (أَوْ رُكْباناً) على دوابّهم ، وهو جمع راكب ، قال المفضل : لا يقال راكب إلّا لصاحب الجمل ، فأمّا صاحب الفرس فيقال له
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢ / ٧٧١.
(٢) مسند أحمد : ٣ / ٣٠٢.
(٣) مسند أحمد : ٢ / ٤٢٤.
(٤) تاج العروس : ٧ / ٣٣٦.