وما علمك يا ابن عمي وأنت بأرض الشام وهي بأرض الجرهم؟ قال يعقوب : علمت ذلك لأني رأيت أبواب السماء قد فتحت ، ورأيت نورا كالقمر الممدود من السماء والأرض ، ورأيت الملائكة ينزلون من السماء بالبركات والرحمة ، فعلمت أن ذلك من أجل محمد صلىاللهعليهوسلم.
فسلّم قيذار التابوت إلى يعقوب ورجع إلى أهله فوجدها قد ولدت غلاما فسمّاه [حمد] ، وفيه نور محمد عليهالسلام.
قالوا : وكان التابوت في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى وكان موسى يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه ، وكان عنده إلى أن مات ، ثم تداولته أنبياء بني إسرائيل إلى وقت إشمويل فوصل إلى إشمويل وقد تكامل أمر التابوت بما فيه ، وكان فيه ما ذكر الله.
(فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) واختلفوا في السكينة ما هي؟ فقال علي عليهالسلام : السكينة ريح خجوج حفّافة لها رأسان ووجه كوجه الإنسان.
مجاهد : لها رأس كرأس الهرّة وذنب كذنب الهرّة وجناحان. ابن إسحاق عن وهب عن بعض علماء بني إسرائيل : السكينة هرّة ميّتة كانت إذا صرخت في التابوت بصراخ هرّ أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح (١).
السدّي عن أبي مالك عن ابن عباس : هي طست من ذهب من الجنة كان يغسل فيها قلوب الأنبياء. بكّار بن عبد الله عن وهب بن منبه : روح من الله عزوجل يتكلم ، إذا اختلفوا في شيء تكلّم فأخبرهم ببيان ما يريدون.
عطاء بن أبي رياح : هي ما تعرفون من الآيات فتسكنون إليها. قتادة والكلبي : فعيلة من السكون أي طمأنينة من ربكم وفي أيّ مكان كان التابوت اطمأنوا إليه وسكنوا. الربيع : رحمة من ربّكم.
(وَبَقِيَّةٌ) وهي الباقي ، فعلية من البقاء والهاء فيه للمبالغة (مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ) يعني موسى وهارون نفسهما. قال جميل :
بثينة من آل النساء وإنما |
|
يكنّ لأدنى لا وصال الغائب |
أي من النساء ، والآل الشخص أيضا ، وأصله أهل بدّلت الهاء همزة ، فإذا صغّروا الآل قالوا : أهيل ردّوه إلى الأصل.
قال المفسرون : كان فيه عصا موسى ورضاض الألواح أي كسره ، وذلك أن موسى لمّا ألقى الألواح انكسرت فرفع بعضها وجمع ما بقي ؛ فجعله في التابوت وكان فيه أيضا لوحان من التوراة وقفيز من المنّ الذي كان ينزل عليهم ، ونعلا موسى وعمامة هارون وعصاه ، وقالوا :وكان عند بني إسرائيل ، وكانوا إذا اختلفوا في شيء تكلم وحكم بينهم ، فإذا حضروا القتال
__________________
(١) تاريخ الطبري : ١ / ٣٢٧.