وعن ابن عباس قال : أخبر الله تعالى إنّ الإيمان هو العروة الوثقى ولا يقبل عمل إلّا به ، وعن ابن عباس أيضا قال : أخبر الله تعالى أنّ الإيمان لا إله إلّا الله.
(فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) تمسك واعتصم (بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) بالعصمة الوثيقة الحكمة (لَا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) أي ناصرهم ومعينهم وقيل محبهم وقيل متولي أمرهم لا يكلهم إلى غيره. يقال : توليت أمر فلان وولّيته ولاية بكسر الواو ، وقيل : أولى وأحق بهم لأنّه يربّهم ، وقال الحسن : ولي هداهم.
(يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي من الكفر والضلالة إلى الإيمان والهداية ، وكذلك كانوا في علم الله عزوجل قبل أنّ يخلقهم ، فلما خلقهم مضى فيهم علمه فآمنوا.
وقال الواقدي : كلّ شيء في القرآن من الظلمات والنور فإنّه أراد به الكفر والإيمان غير التي في سورة الأنعام (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (١) فإنّه يعني به الليل والنهار.
قال ابن عباس : هؤلاء قوم كفروا بعيسى عليهالسلام ثم آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم فأخرجهم [من الكفر] بعيسى إلى إيمانهم بالمصطفى وسائر الأنبياء عليهمالسلام ، وقال غيره : هو عام لجميع المؤمنين ، وقال ابن عطاء : هذه الآية [تغنيهم من] صفاتهم بصفة فيصيرون قائمين بالحق للحق مع الحق.
الواسطي : يخرجهم من ظلمات نفوسهم إلى آدابها كالرضا والصدق والتوكّل والمعرفة والمحبّة.
أبو عثمان : يخرجهم من رؤية الأفعال إلى رؤية المنن والأفضال ، وقيل : يخرجهم من ظلمات الوحشة والفرقة إلى نور الوصيلة والقربة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) هكذا قرأه العامة وقرأ الحسن الطواغيت على الجمع.
قال أبو حاتم : العرب تجعل الطاغوت واحدا وجمعا ومذكّرا ومؤنّثا.
قال الله تعالى في الواحد والمذكّر (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) (٢).
وقال في المؤنّث : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها) (٣) وقال في الجمع : (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ).
قال ابن عباس : يعني بالطاغوت الشيطان.
__________________
(١) سورة الأنعام : ١.
(٢) سورة النساء : ٦٠.
(٣) سورة الزمر : ١٧.