أن تجتمعي ، فاجتمع بعضها إلى بعض واتصل بعضها ببعض.
ثم نودي : إنّ الله يأمرك أن تكتسي لحما وجلدا ، فكان كذلك ، ثم نودي : إنّ الله يأمرك أن تحيي ، فقام بأذن الله ونهق الحمار.
وعمّر الله أرميا ، فهو الذي يرى في الفلوات فذلك قوله تعالى : (فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) أي أحياه (١).
(قالَ كَمْ) استفهام عن مبلغ العدد (لَبِثْتَ) قرأ ابن محيص والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي : لبثّ ولبثّم بالإدغام في جميع القرآن. الباقون بالإظهار.
فمن أدغم فلا يجاوره في المخرج والمشاكلة في الهمس ، ومن أظهر [فلإظهارها] (٢) في المصحف ، وكلاهما غريبان فصيحان ومعناه : كم مكثت وأقمت هاهنا. يقال : لبث يلبث لبثا والباثا (٣).
(قالَ لَبِثْتُ يَوْماً) وذلك إنّ الله تعالى أماته ضحى في أول النهار وأحياه بعد مائة عام في آخر النهار قبل غيبوبة الشمس ، فقال : (لَبِثْتُ يَوْماً) وهو يرى إنّ الشمس قد غربت ، ثم التفت فرأى بقيّة من الشمس فقال : (أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) بمعنى بل بعض يوم ، لأن قوله (بَعْضَ يَوْمٍ) رجوع عن قوله : (لَبِثْتُ يَوْماً) كقوله : (أَوْ يَزِيدُونَ) (٤).
(قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ) يعني التين (وَشَرابِكَ) يعني العصير (لَمْ يَتَسَنَّهْ) قرأ حمزة والكسائي بحذف الهاء وصلا وكذلك في قوله (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٥).
وقرأ الباقون بالهاء فيها وصلا ووقفا. وذكر أبو حاتم عن طلحة (لَمْ يَتَسَنَّهْ) بإدغام التاء في السين وزعم أنّه في حرف أبيّ كذلك ومعناه : لم تغيّره السنون.
فمن أسقط الهاء في الوصل حول الهاء صلة زائدة ، وقال : أصله لم يتسنّى فحذف الياء بالجزم وأبدل منها هاء في الوقف ، وهذا على قول من جعل الهاء في السنة زائدة.
وقال : أصلها يسنوه وجمعها سنوات والفعل منه سانيت مساناة وتسنّيت تسنّيا ، إلّا أن الواو يردّ إلى الباقي التفعّل والتفاعل ، كقولهم : التداعي والتداني ؛ لأن الياء أخف من الواو.
وقال أبو عمر : وهو من التسنن بنونين ، وهو التغيير كقوله : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٦) أي
__________________
(١) بطوله في تفسير الطبري : ٣ / ٤٧ ـ ٥٠ وتاريخه : ١ / ٣٩٢ بتفاوت.
(٢) الإظهار لتباين مخرج الثاء من مخرج التاء راجع تفسير القرطبي : ٣ / ٢٩٢.
(٣) راجع مجمع البحرين : ٤ / ١٠٣.
(٤) سورة الصافّات : ١٤٧.
(٥) سورة الأنعام : ٩٠.
(٦) سورة الحجر : ٢٦.