عزير : يا هذه أهذا منزل عزير؟
قالت : نعم هذا منزل عزير وبكت وقالت : ما رأيت أحدا من كذا وكذا سنة يذكر عزيرا وقد نسيه الناس ، قال : فإنّي أنا عزير.
قالت : سبحان الله إنّ عزيرا قد فقدناه من مائة سنة فلم نسمع بذكره.
قال : فإنّي أنا عزير كان الله عزوجل أماتني مائة سنة ثم بعثني.
قالت : فإنّ عزيرا كان مستجاب الدعوة يدعو للمريض وصاحب البلاء بالعافية والشفاء ، فادع الله حتّى يردّ عليّ بصري حتّى أراك فإنّ كنت عزيرا عرفتك ، قال : فدعا ربّه ومسح يده على عينيها ففتحت وأخذ بيدها وقال : قومي بإذن الله ، فأطلق الله عزوجل رجليها فقامت صحيحة بإذن الله كأنّها نشطت من عقال ، فنظرت فقالت : أشهد إنّك عزير ، فانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم ، وابن لعزير شيخ ابن مائة سنة وثمانية عشر سنة وبني بنيه شيوخ في المجلس فنادت : هذا عزير قد جاءكم ، فكذّبوها.
فقالت : أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربّه عزوجل فردّ عليّ بصري وأطلق رجلي وزعم إنّ الله تعالى كان أماته مائة سنة ثم بعثه.
قال : فنهض الناس فأقبلوا إليه ، فقال ابنه : كانت لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه ، فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير.
قال [قتادة ومقاتل] والسدي والكلبي : هو أن عزيرا رجع إلى قريته وقد أحرق بخت نصّر التوراة ولم يكن من الله تعالى عهد بين الخلق فبكى عزير على التوراة ، فأتاه ملك بإناء فيه ماء فسقاه من ذلك الإناء فمثلت التوراة في صدره ، فرجع إلى بني إسرائيل ، وقد علّمه الله التوراة وبعثه نبيّا.
فقال : أنا عزير ، ولم يصدّقون.
وقال : حدّثنا آباؤنا إنّ عزيرا مات بأرض بابل.
فقال : أنا عزير بعثني الله إليكم لأجدد لكم توراتكم.
فقالوا : أملها علينا إن كنت صادقا ، فأملاها عليهم من ظهر قلبه (١).
وقال رجل منهم : حدّثني أبي عن جدّي أنّه دفن التوراة يوم سبينا في خابية في كرم لأبي ، فإنّ أريتموني كرم جدي أخرجتها لكم ، فأروه ، فأخرجها لهم ، فعارضوها بما أملى عزير فما اختلفا في حرف ، ولم يقرأ التوراة منذ أنزلت عن ظهر قلبه إلى هذا اليوم غير عزير.
__________________
(١) راجع تاريخ دمشق : ٤٠ / ٣٢٢ ، وتفسير الدر المنثور : ١ / ٣٣٢.