ومن جعله واحدا قال : جمعه صفي وصفى.
قال الشاعر :
مواقع الطير على الصفي
وقال الزعري : (صَفْوانٍ) بفتح الفاء ، وجمعه صفوان مثل كروان وكروان وورشان وورشان.
(عَلَيْهِ) أي على ذلك الصفوان (تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ) وهو المطر الشديد العظيم القطر (فَتَرَكَهُ صَلْداً) وهو الحجر الصلب الأملس الذي لا شيء عليه.
قال تابّط شرا :
ولست بحلب جلب ريح (١) وقرّة |
|
ولا بصفا صلد عن الخير معزل (٢) |
وهو من الأرض ما لا ينبت ، ومن الرؤوس ما لا شعر عليه.
قال رؤبة :
لمّا رأتني حلق المموّه |
|
براق أصلاد الجبين الأجلة (٣) |
يعني الأجلح.
وهذا مثل ضربه الله تعالى لنفقة المنافق والمرائي والمؤمن الذي يمن بصدقته ويؤذي ، يعني : إن الناس يرون في الظاهر إنّ لهؤلاء أعمالا كما يرى التراب على هذا الصفوان ، فإذا كان يوم القيامة اضمحل كلّه وبطل لأنّه لم يكن لله عزوجل كأنّه لم يكن كما أذهب الوابل ما كان على الصفوان من التراب.
(فَتَرَكَهُ صَلْداً) أجرد لا شيء عليه (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ) على ثواب شيء (مِمَّا كَسَبُوا) عملوا في الدنيا لأنّهم لم يعملوه لله تعالى وطلب ما عنده وإنّما عملوه رياء الناس وطلب حمدهم فصار ذلك معظم من أعمالهم (٤).
(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) نظيره قوله تعالى في وصف أعمال الكفّار : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) (٥). وقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) (٦) الآية.
__________________
(١) في تفسير الطبري : ليل.
(٢) تفسير الطبري : ٣ / ٩٢ ، والصحاح : ١ / ١٠٠.
(٣) تفسير الطبري : ٣ / ٩٢ ، وكتاب العين : ٣ / ٣٩١.
(٤) تفسير الطبري : ٣ / ٩٢.
(٥) سورة إبراهيم : ١٨.
(٦) سورة النور : ٣٩.