(وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ) تذكير وتخويف. قال السدي : أمّا الموعظة فالقرآن ، وإنّما ذكر الفعل لأنّ الموعظة والوعظ واحد.
وقرأ الحسن : فمن جاءته موعظة كقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) (١).
(مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى) من أكل الربا (فَلَهُ ما سَلَفَ) أي ما مضى من ذنبه قبل النهي فهو مغفور له (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) يعني النهي إن شاء عصمه حتّى يثبت على الانتهاء وان شاء خذله حتّى يعود ، وقيل : (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) فيما يأمره وينهاه ويحلّ له ويحرّم عليه وليس إليه من أمر نفسه شيء. وفيه يقول محمود الورّاق :
إلى الله كلّ الأمر في كلّ خلقه |
|
وليس إلى المخلوق شيء من الأمر |
(وَمَنْ عادَ) بعد التحريم والموعظة إلى أكل الربا مستحلّا له (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الربا سبعون بابا أهونها عند الله كالذي ينكح أمّه» [٢٠٢] (٢).
وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عبد الله بن مسعود قال : لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهده (٣).
الحسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أراد الله بقرية هلاكا أظهر فيهم الربا» (٤).
(يَمْحَقُ اللهُ) أي ينقصه ويهلكه ويذهب ببركته وإن كان كثيرا كما يمحق القمر.
وعن عبد الله بن مسعود رفعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قلّة» [٢٠٣] (٥).
وروي جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : (يَمْحَقُ اللهُ) يعني لا يقبل منه صدقة ولا جهاد ولا حجّا ولا صلة.
(وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) أي يزيدها ويكثرها ويبارك فيها في الدنيا ويضاعف الأجر والثواب في العقبى وإن كانت قليلة ، قال عزّ من قائل : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) (٦).
__________________
(١) سورة يونس : ٥٧.
(٢) المنقى من السنن المسندة لابن الجارود النيسابوري : ١٦٣ بتمامه ، وكنز العمال : ٤ / ١٠٨ ح ٩٧٧٤ بتفاوت يسير.
(٣) سنن أبي داود : ٢ / ١١٠ ح ٣٣٣٣.
(٤) كنز العمال : ٤ / ١٠٤ ح ٩٧٥١.
(٥) فتح الباري : ٨ / ١٥٢.
(٦) سورة البقرة : ٢٤٥.