قتادة : إنّ الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء ويقبل على الله عزوجل لقوله : (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١).
قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) (٢).
والمؤمن لا يعرض عن الله في الضّراء والسرّاء والرّخاء والبلاء ولا يختار عليه سواه.
الحسن : إنّ الكافرين عبدوا الله بالواسطة وذلك قولهم للأصنام : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (٣).
وقوله : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٤).
والمؤمنون يعبدونه بلا واسطة ولذلك قال عزّ من قائل : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ).
سعيد بن جبير : إنّ الله يأمر يوم القيامة من أحرف نفسه في الدّنيا على رؤية الأصنام أن يدخلوا جهنّم مع أصنامهم فيأتون لعلمهم إنّ عذاب جهنم على الدّوام ثمّ يقول للمؤمنين بين أيدي الكافرين : إنّ كنتم أحبّائي لا تحبّون النّار فينادي مناد من تحت العرش (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ).
وقيل : لأنّ حبّ المشركين لأوثانهم مشترك لأنّهم يحبّون الأنداد الكثيرة وحبّ المؤمنين لربّهم غير مشترك لأنّهم يحبّون ربّا واحدا ، وقيل : لأنّ حبّهم هوائي وحبّ المؤمنين عقلي.
وقيل إنّ حبّهم للأصنام بالتقليد وحبّ المؤمنين لله تعالى بالدّليل والتمييز.
وقيل : لأنّ الكافرين يرون معبودهم ومصنوعهم والمؤمنون يرون الله تعالى صانعهم ، وقيل : لأنّ المشركين أحبّوا الأصنام وعاينوها والمؤمنون يحبّون الله ولم يعاينوه بل آمنوا بالغيب في الغيب للغيب.
وقيل : إنّما قال (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) لأنّ الله أحبّهم أوّلا ثمّ أحبّوه ومن شهد له المعبود بالمحبّة كان محبّته أتم وأصح.
قال الله تعالى : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (٥).
وقرأ أبو رجاء العطاردي : يَحبونهم بفتح الياء وهي لغة يقال : حببت الرجل فهو محبوب
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٦٥.
(٢) سورة الإسراء : ٦٧.
(٣) سورة يونس : ١٨.
(٤) سورة الزمر : ٣.
(٥) سورة المائدة : ٥٤.