(بُكْمٌ) عن الخير فلا يقولونه. (عُمْيٌ) عن الهدي فلا يبصرونه.
(فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) من حلالات.
(ما رَزَقْناكُمْ) من الحرث والأنعام وسائر المأكولات والنعم.
وروى أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم إنّه قال : «إنّ الله طيب لا يقبل إلّا الطيب ، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين. فقال : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) (١) وقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) ثمّ ذكر الرّجل يطيل السّفر أشعر أغبر يمدّ يديه إلى السماء بيا ربّ يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي في حرام فإنّى يستجاب له» [١٨].
(وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على نعمته.
(إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله جلّ جلاله إنّي والجنّ والأنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري» [١٩].
ثمّ بيّن ما حرّم عليكم فقال : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) قرأ أبو عبد الرحمن السلمي : إِنَّما حَرُمَ خفيفة الرّاء مضمومة.
(الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) رفعا على إنّ الفعل لها ، وروى عن أبي جعفر : إنّه قرأ حُرِّمَ بضم الحاء وكسر الرّاء وتشديدها ورفع ما بعده وله وجهان :
أحدهما : إنّ الفاعل غير مسمّى.
والثاني : إنّ الّذي حرّم عليكم الميّت على خبر إنّ.
وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة : حَرَّمَ بنصب الحاء والرّاء مشدّدا ورفع ما بعده جعل ما بمعنى الّذي منفصله عن قوله : إنّ وحينئذ تكون ما نصبا باسم إنّ وما بعدها رفعا على خبرها كما تقول :
إنّ ما أخذت مالك وإنّ ما ركبت دابّتك أي : إنّ الّذي قال الله (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ) (٢).
وقرأ الباقون : (حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) نصبا على إيقاع الفعل وجعلوا (إِنَّما) كلمة واحدة تأكيدا وتحقيقا.
وقرأ أبو جعفر : الميّتة [وأخواتها] بالتشديد في كلّ القرآن ، وأمّا الآخرون فخفّفوا بعضا وشدّدوا بعضا فمن شدّد قال أصله : ميوت فعل من الموت فأدغمت الياء في الواو وجعلت الواو ياء مشدّدة للكسرة كما فعلوا في سيّد وحيّد وصيّب ومن لم يشدّد فعلى طلب الخفّة وهما لغتان مثل : هيّن وهين ، وليّن ولين. قال الشاعر :
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٥١.
(٢) سورة طه : ٦٩.