الإهلال لغير الله أن تقول باسم المسيح وهذه الآية مخصوصة بأهل الكتاب وهو قوله (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ).
وروى صيوة عن عقبة بن مسلم التجيبي وقيس بن رافع الأشجعي إنهما قالا : إنّما أحلّ لنا ما ذبح لعيد الكنائس وما أهدي لها من خبز أو لحم فإنّما هو طعام أهل الكتاب ، وقال صيوة : قلت أرأيت قول الله تعالى : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) فقال : انّما ذلك المجوس وأهل الأوثان والمشركون (١).
(فَمَنِ اضْطُرَّ) قرأ عاصم وحمزة ويعقوب وابو عمرو : (فَمَنِ اضْطُرَّ) بكسر النون فيه وفي أخواته مثل : (أَنِ اقْتُلُوا ... أَوِ اخْرُجُوا) ونحوها لأنّ الجزم يحرّك إلى الكسر وقرأ الآخرون بضمّ النّون لمّا سكّنوا آخر الفعل الذي يليه لأجل الوصل نقلوا ضمّته إلى النّون ، وقرأ ابن محيصن : فمن اضطر بإدغام الضّاد في الطّاء حتّى تكون طاء خالصة ، قرأ أبو جعفر بكسر الطاء رد إلى الطّاء كسرت الرّاء المدغمة لأنّ أصله اضطرر على وزن افتعل من الضّرورة.
قرأ الباقون : بضمّ الطاء على الأصل ومعناه أحرج وأجهد وألجئ إلى ذلك.
وقال مجاهد : اكره عليه كالرجل يأخذه العدوّ فيكرهه على أكل لحم الخنزير وغيره من معصية الله.
(غَيْرَ) نصب على الحال ، وقيل على الاستثناء فإذا رأيت غيره لا يصلح في موضعها إلّا فهي حال وإذا صلح في موضعها إلّا ، فهي : استثناء فقس على هذا ما ورد عليك من هذا الباب.
(باغٍ وَلا عادٍ) أصل البغي في اللّغة قصد الفساد يقال : بغى الجرح يبغي بغيا إذا ترامى إلى الفساد ومنه قيل : للزّنا بغاء.
قال الله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) (٢) والزّانية بغي.
قال الله : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (٣).
وأصل العدوان الظلم ومجاوزة الحد يقال : عدا عليه عدوا وعدوّا وعدوانا وعداء إذا ظلم ، واختلف المفسرون في معنى قوله : (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) فقال بعضهم : (غَيْرَ باغٍ) : أي غير قاطع للطّريق ، (وَلا عادٍ) : مفرّق للائمة شاقّ للأمّة خارج عليهم بسيفه فمن خرج يقطع الرحم أو يخيف ابن السبيل أو يفسد في الأرض أو ابق من سيّده أو فرّ من غريمه أو خرج عاصيا بأي وجه كان فاضطرّ إلى ميتة لم يحلّ له أكلها أو اضطرّ إلى الخمر عند العطش لم يحلّ له شربه ولا
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢ / ١١٧.
(٢) سورة النور : ٣٣.
(٣) سورة مريم : ٢٨.