إلى قومه فيجيء قومه فيصالحون بالدّية فذلك الاعتداء.
(فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) يقتل في الدّنيا ولا يعفى عنه.
قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «لا أعافي رجلا قتل بعد أخذه الدّية منه» [٣٢] ، وفي الآخرة عذاب النّار ، وفي هذه الآية دليل على إنّ القاتل لا يصير كافرا ولا يبقى خالدا في النّار ؛ لأنّ الله تعالى.
خاطبهم فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) ولا خلاف إنّ القصاص واقع في العمد فلم يسقط عنه أسم الأيمان بارتكاب هذه الكبيرة ، وقال في آخر الآية (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) فسمى القاتل أخا المقتول ، وقال (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) وهما [يخصّان] المؤمنين دون الكافرين.
يروى أنّ مسروقا سئل هل للقاتل توبة؟
فقال : لا أغلق بابا فتحه الله.
(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) بقاء لأنّه إذا علم أنّه إن قتل أمسك وارتدع عن القتل. ففيه حياة للّذي يهمّ بقتله ، وحياة للهام ولهذا قيل في المثل : القتل قلّل القتل.
وقال قتادة : كم رجل قد همّ بداهية لولا مخافة القصاص لوقع بها ولكنّ الله تعالى حجر عباده بعضهم عن بعض هذا قول أكثر المفسّرين.
وقال السّدي : كانوا يقتلون بالواحد الاثنين والعشرة والمائة فلمّا قصروا بالواحد على الواحد كان في ذلك حياة وقيل : أراد في الآخرة لأنّ من أقيد منه في الدّنيا حيي في الآخرة ، وإذا لم يقتص منه في الدنيا اقتصّ منه في الآخرة ويعني الحياة سلامته من قصاص الآخرة ، وقرأ أبو الجوزاء : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) أراد القرآن فيه حياة القلوب.
قال (يا أُولِي الْأَلْبابِ) يا ذوي العقول.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) القتل مخافة القود.
(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢))
(كُتِبَ) فرض ووجب. (عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ) جاء.
(أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) يعني اسباب الموت وآثاره ومقدماته من العلل والأمراض ولم يرد المعاينة.