وروى ابن أبي مليكة : إنّ رجلا قال لعائشة : إنّي أريد أن أوصي ، قالت : كم مالك؟ قال : ثلاثة آلاف. قالت : كم عيالك؟
قال : أربعة : قالت : إنّما قال : الله تعالى (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) وهذا شيء يسير فاتركه لعيالك.
وروى سفيان بن بشير بن دحلوق قال : قال عروة بن ثابت للربيع بن خيثم : أوص لي بمصحفك. قال : فنظر إلى أبيه فقال : (أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ).
وروى سفيان عن الحسين بن عبد الله عن إبراهيم قال : ذكر لنّا إنّ زبيرا وطلحة كانا يشددان في الوصيّة. فقال : ما كان عليهما أن لا يفعلا. مات النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ولم يوصّ وأوصى أبو بكر ، أي ذلك فعلت فحسن.
(فَمَنْ بَدَّلَهُ) أي فمن غيّر الوصيّة من الأوصياء والأولياء أو الشهود.
(بَعْدَ ما سَمِعَهُ) من الميت فإنّما ذكر الكناية عن الوصيّة وهي مؤنثة لأنّها في معنى الإيصاء لقوله (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) (١) ردّه إلى الواعظ ونحوها كثيرة.
وقال المفضل : لأنّ الوصيّة قول فذهب إلى المعنى وترك اللفظ.
كقول امرئ القيس.
برهرهة رودة رخصة |
|
كخرعوبة اليانة المنقطر |
المنقطر : المنتفخ بالورق وهو أنعم ما يكون فذهب إلى القضيب فترك لفظ الخرعوبة.
(فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) وصي الميت.
(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لوصاياكم.
(عَلِيمٌ) بنيّاتكم.
(فَمَنْ خافَ) أي خشي ، وقيل : علم وهو الأجود كقوله (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ) (٢).
وقال ابو محجر الثقفي :
فلا تدعني بالفلاة فانّني أخاف |
|
إذا ما متّ أن لا أذوقها |
أراد : أعلم.
(مِنْ مُوصٍ) قرأ مجاهد وعطاء وحميد وابن كثير وابو عمرو وابن عامر وأبو جعفر وشيبة ونافع : بالتخفيف واختاره أبو حاتم.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٧٥.
(٢) سورة البقرة : ٢٢٩.