السّدي وابن زيد : هو في الوصيّة للآباء والأقربين بالأثرة يميل إلى بعضهم ويحيف لبعضهم على بعض في الوصيّة. فإنّ أعظم الأجر أن لا ينفذها ، ولكن يصلح ما بينهم على ما يرى إنّه الحق فينقص بعضا. ويزيد بعضا.
قال ابن زيد : فعجز الموصي أن يوصي (لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) كما أمره الله ، وعجز الوصي أن يصلح فيوزع الله ذلك منه بفرض الفرائض لذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله تعالى لم يوص بملك مقرب ولا نبي مرسل حتّى تولّى قسم مواريثكم» [٣٤].
وقال (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) ولم يجر للورثة ولا للمختلفين في الوصيّة ذكر لأنّ سياق الآية وما تقدّم من ذكر الوصيّة يدلّ عليه.
قال الكلبي : كان الأولياء والأوصياء يمضون وصيّة الميت بعد نزول الآية (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ) الآية وإن استغرق المال كلّه ويبقى الورثة بغير شيء ، ثمّ نسختها هذه الآية (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً) الآية.
وروى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه : قال كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجة الوداع فمرضت مرضا أشرفت على الموت. فعادني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنّ لي مالا كثيرا وليس يرثني إلّا بنت لي أفأوصي بثلثي مالي؟
قال : لا.
قلت : فبشطر مالي؟
قال : لا.
قلت : بثلث مالي؟
قال : نعم الثلث والثلث كثير إنك يا سعد أن تترك ولدك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون النّاس.
وقال مسلم بن صبيح : أوصى جار لمسروق فدعا مسروقا ليشهده فوجده قد بذر وأكثر.
فقال : لا أشهد إنّ الله عزوجل قسم بينكم فأحسن القسمة فمن يرغب برأيه عن أمر الله فقد ضلّ ، أوص لقرابتك الذين لا يرثون ودع المال على قسم الله.
وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حاف في وصيّته ألقي في اللوى ـ واللوى واد في جهنّم ـ» [٣٥] (١).
__________________
(١) لم نجده إلا في لسان العرب : ١٥ / ٢٦٧ ، وفي النهاية لابن الأثير روي : (٤ / ٢٨٠) من خان في وصيته.