(مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) غير أيّام مرضه أو سفره والعدّة العدد وأخر في موضع خفض ولكنّها لا تنصرف فلذلك نصبت لأنّها معدولة عن جهتها كأنّ حقّها أواخر وأخريات فلمّا عدلت إلى فعل لم تجرّ مثل عمر وزفر.
(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) قرأ ابن عبّاس وعائشة وعطاء بن رباح وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد : يُطَيَّقُونَهُ بضمّ الياء وبفتح الطّاء وتخفيفه وفتح الياء وتشديده أي يلفونه ويحملونه.
وروى عن مجاهد وعكرمة : أيضا يَطَّيقُونَهُ بفتح الياء وتشديد الطّاء أراد يتطوقونه أي يتكلفونه.
وروى ابن الأنباري عن ابن عبّاس يَطَّيَّقُونَهُ بفتح الياء الأوّل وتشديد الطّاء والياء الثانية وفتحهما بمعنى يطيقونه. يقال : طاق وأطاق واطيق بمعنى واحد.
(فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) قرأ أهل المدينة والشّام : فديةُ طعامٍ مضافا مساكين جمعا أضافوا الطّعام إلى الفدية وإن كان واحدا لاختلاف اللفظين كقوله (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (١) وقولهم : المسجد الجامع وبيع الأوّل ونحوها وهي قراءة أبي عمرو ومجاهد ، وروى يحيى ابن سعيد عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر إنّه قرأها : طعام مساكين على الجمع ، وروى مروان بن معاوية الفزاري عن عثمان بن الأسود عن مجاهد قرأها كذلك : مساكين.
وقرأ الباقون : فديةً منصوبة ، (طَعامُ) رفعا ، (مِسْكِينٍ) خفض على الواحد وهي قراءة ابن عبّاس.
[روي ابن أبي نجيح] عن عمرو بن دينار عن ابن عبّاس أنّه قرأها (طَعامُ مِسْكِينٍ) ، على الواحد ، فمن وحّد فمعناه : لكل يوم اطعام مسكين واحد ، ومن جمع رده إلى الجميع ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم.
(فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) قرأ عيسى بن عمر ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي : يتطوّع بالتاء وتشديد الطاء وجزم العين على معنى يتطوّع ، وقرأ الآخرون : تَطَوْعَ بالتاء وفتح العين وتخفيف الطاء على الفعل الماضي.
واختلف العلماء في تأويل هذه الآية وحكمها : فقالوا قوم : كان ذلك أول ما فرض الصّوم ؛ وذلك أنّ الله تعالى لمّا أنزل فرض صيام شهر رمضان على رسوله صلىاللهعليهوسلم وأمر أصحابه بذلك شق عليهم ، وكانوا قوما لم يتعوّدوا الصّيام فخيّرهم الله بين الصّيام والإطعام. فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى بالطّعام ، ثمّ نسخ الله
__________________
(١) سورة ق : ٩.