وقال غيره : لأنّ الحجارة كانت ترمض فيه من الحرارة والرّمضاء الحجارة المحماة.
وقيل : سمّى بذلك لأنّه يرمض الذّنوب أي يحرق.
وقيل : لأنّ القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والحكمة والفكرة في أمر الآخرة كما يأخذ الرّمل والحجارة من حرّ الشّمس.
وقال الخليل : مأخوذة من الرمض وهو مطر يأتي في الخريف فسمّي هذا الشّهر رمضان لأنّه يغسل الأبدان من الأنام غسلا وتطهّر قلوبهم تطهيرا.
(الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) روى هشيم عن داود عن عكرمة عن ابن عبّاس والسّدي عن محمّد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عبّاس ابن عطيّة الأسود سأله : فقال : إنّه وقع الشّك في قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وقوله (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) وقوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) (٢) وقد نزل في سائر الشهور.
قال الله (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ) (٣) الآية وقالوا (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) (٤).
فقال : أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ (فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) من شهر رمضان. فوضع في بيت العزة في سماء الدّنيا ، ثمّ نزل به جبرئيل عليهالسلام على محمّد صلىاللهعليهوسلم نجوما نجوما عشرين سنة ، فذلك قوله (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٥).
داود بن أبي هند قال : قلت للشعبي : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أما كان ينزل عليه في سائر السّنة؟ قال : بلى ولكن جبرئيل كان يعارض محمّدا صلىاللهعليهوسلم في رمضان ما نزّل الله ، فيحكم ما يشاء ويثبت ما يشاء وينسيه ما يشاء.
شهاب بن طارق عن أبي ذرّ الغفاري عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : أنزلت صحف إبراهيم في ثلاثة ليال مضين من رمضان ، وأنزلت توراة موسى في ست ليال مضين من رمضان ، وأنزل أنجيل عيسى في ثلاثة عشر مضت من رمضان ، وأنزل زبور داود في ثمان عشرة ليلة قضت من رمضان ، وأنزل الفرقان على محمّد في الرّابع والعشرين لست مضين بعدها ، ثمّ وصف القرآن فقال : (هُدىً لِلنَّاسِ) من الضّلالة وهو في محل النصب على القطع لأنّ القرآن معرفه والهدى نكرة.
(وَبَيِّناتٍ) من الحلال والحرام والحدود والاحكام.
__________________
(١) سورة القدر : ١.
(٢) سورة الدخان : ٣.
(٣) سورة الإسراء : ١٠٦.
(٤) سورة الفرقان : ٣٢.
(٥) سورة الواقعة : ٧٥.