وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) دين الله وطاعته (الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ).
قال الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هذه أوّل آية نزلت في القتال فلما نزلت كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقاتل من يقاتله ويكف عمن كفّ عنه حتّى نزلت : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) فنسخت هذه الآية (وَلا تَعْتَدُوا) أي لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير ولا من ألقي إليكم السلم وكف يده فإن فعلتم ذلك فقد اعتديتم
وهو قول ابن عبّاس ومجاهد.
وقال يحيى بن عامر : كتبت إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن قوله (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ). فكتب إليّ : إن ذلك في النساء والذرية والرهبان ومن لم ينصب الحرب منهم.
وقال الحسن : لا يعتدوا أي لا تأتوا ما نهيتم عنه.
وقال بعضهم : الاعتداء ترك قتالهم.
علقمة بن مرثد عن سليمان بن يزيد عن أبيه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا بعث أمرا على سرية أو جيش أوصى في خاصة نفسه بتقوى الله وممن معه من المسلمين خيرا وقال : «اغزوا باسم الله ، وفي سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدا» [٦٧] (١).
وعن عطاء بن أبي رباح قال : لما استعمل أبو بكر يزيد بن أبي سفيان على الشام خرج معه يشيعه أبو بكر ماشيا وهو راكب فقال له يزيد : يا خليفة رسول الله إما أن تركب وإما أن أنزل ، فقال أبو بكر : ما أنت بنازل ولا أنا براكب إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ، إني أوصّيك وصية إن أنت حفظتها ستمر على قوم قد حبسوا أنفسهم في الصوامع زعموا لله فزعهم وما حبسوا له أنفسهم ، وستمر على قوم قد فحصوا عن أوساط رؤسهم وتركوا من شعورهم أمثال العصائب ، فاضرب ما فحصوا منه بالسيف.
ثمّ قال : «لا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا فانيا ولا تعقروا شجرا مثمرا ولا تغرقوا نخلا ولا تحرقوه ولا تذبحوا بقرة ولا شاة إلّا لمأكل ولا تخربوا عامرا» [٦٨] (٢).
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في صلح الحديبية وذلك أن
__________________
(١) السنن الكبرى : ٥ / ١٧٢ ، وصحيح ابن حبان : ١١ / ٤٢.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ٩ / ٩٠ بتقديم وتأخير.