(رَحِيمٌ) بعباده ، نظيرها في الأنفال (وَقاتِلُوهُمْ) يعني المشركين (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) شرك يعني قاتلوهم حتّى يسلموا فليس يقبل من المشرك الوثني جزية ولا يرضى منه إلّا بالإسلام وليسوا كأهل الكتاب بالذين يؤخذ منهم الجزية والحكمة فيه على ما قال المفضل بن سلمة إن مع أهل الكتاب كتبا منزلة فيها الحقّ وإن كانوا قد حرفوها فأمهلهم الله تعالى بحرمة تلك الكتب من القتل [وأهواء] صغارهم بالجزية ، ولينظروا في كتبهم ويتدبرونها فيقفوا على الحق منها ويمنعوه كفعل مؤمني أهل الكتاب ولم يكن لأهل الأوثان من يرشدهم إلى الحقّ وكان إمهالهم زائدا في اشراكهم فإنّ الله تعالى لن يرضى منهم إلّا بالإسلام أو القتل عليه.
(وَيَكُونَ الدِّينُ) الإسلام (لِلَّهِ) وحده فلا يعبد دونه شيء ، قال المقداد بن الأسود : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت [معد] ولا وبر إلّا أدخله الله عزوجل كلمة الإسلام ، إما يعزّ عزيز أو يذل ذليل ، إما أن يعزهم فيجعلهم الله من أهله فيعزوا به ، وإما أن يذلهم فيدينون لها» [٦٩] (١).
(فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الكفر والقتال (فَلا عُدْوانَ) فلا سبيل ولا حجة (إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ).
قال ابن عباس : يدلّ عليه قوله عزوجل (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) (٢) أي فلا سبيل عليّ وقال أهل المعاني : العدوان الظلم ، دليله قوله تعالى (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) (٣) ولم يرد الله تعالى بهذا أمرا بالظلم أو إباحة له وإنما حمله على اللفظ الأوّل على ظهر [المجادلة] فسمى الجزاء على الفعل فعلا كقوله تعالى (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (٤) وقوله (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (٥).
وقال عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
قتادة وعكرمة : في هذه الآية ، الظالم الذي يأبى أن يقول لا إله إلّا الله ، وإنّما سمي الكافر ظالما ، لوضعه العبادة في غير موضعها.
(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ
__________________
(١) مسند أحمد : ٦ / ٤ ، وكنز العمال : ١ / ٩٨ ح ٤٣٧.
(٢) سورة القصص : ٢٨.
(٣) سورة المائدة : ٢.
(٤) سورة الشورى : ٤٠.
(٥) سورة البقرة : ١٩٤.