لوى الله علم الغيب عم سواءه |
|
ويعلم منه ما مضى وتأخرا (١) |
ونظيره قوله : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) ... الآية.
(لِتَحْسَبُوهُ) : لتظنّوا ما حرّفوا (مِنَ الْكِتابِ) : الذي أنزله الله.
(وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ ... وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : إنّهم كاذبون.
وروى جويبر عن الضحّاك عن ابن عباس : إنّ الآية نزلت في اليهود والنّصارى جميعا والذين هم حرّفوا التوراة والإنجيل ، وضربوا كتاب الله بعضه ببعض وألحقوا به ما ليس منه فأسقطوا منه الدين الحنفي ، فبيّن الله تعالى كذبهم للمؤمنين.
(ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) الآية.
قال الضحّاك ومقاتل : (ما كانَ لِبَشَرٍ) يعني عيسى عليهالسلام (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ) يؤتى الحكمة. نزلت في نصارى أهل نجران.
وقال ابن عباس وعطاء : (ما كانَ لِبَشَرٍ) يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ) : يعني القرآن ؛ وذلك أنّ أبا رافع القرظي من اليهود والرئيس من نصارى أهل نجران قالا : يا محمد أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غير الله ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني» [٧٣] (٢). فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الحسن : بلغني أنّ رجلا قال : يا رسول الله نسلّم عليك كما يسلّم بعضنا على بعض ، أفلا نسجد لك؟ قال : «لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ، ولكن أكرموا نبيّكم واعرفوا الحق لأهله» [٧٤] (٣). فأنزل الله (ما كانَ لِبَشَرٍ) : يعني ما ينبغي لبشر ، كقوله (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) (٤) وكقوله (ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا) (٥) : يعني ما ينبغي.
وقال أهل المعاني : هذه اللام منقولة وأن بمعنى اللام ، وتقدير الآية : ما كان لبشر ليقول ذلك. نظير قوله : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) (٦) : أي ما كان الله ليتخذ ولدا وقوله (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) (٧) أي ما كان لنبىّ ليغلّ. والبشر جميع بني آدم لا واحد من لفظه : كالقوم والجيش ، ويوضع موضع الواحد والجمع.
__________________
(١) لسان العرب : ١٤ / ٤١٣.
(٢) تفسير الطبري : ٣ / ٤٤١.
(٣) أسباب نزول الآيات : ٧٤ ، تفسير مجمع البيان : ٢ / ٣٣١.
(٤) سورة النساء : ٩٢.
(٥) سورة النور : ١٦.
(٦) سورة مريم : ٣٥.
(٧) سورة آل عمران : ١٦١.