(بِما كُنْتُمْ) : معناه الوجوب أي : بما أنتم. كقوله (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) (١) : أي وامرأتي ، وقوله (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) (٢) أي من هو في المهد صبيّا.
(تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ) : قرأ السلمي والنخعي وابن جبير والضحّاك وأهل الكوفة : (تُعَلِّمُونَ) بالتشديد من التعليم ، واختاره أبو عبيدة ، وقرأ الباقون تعلمون بالتخفيف من العلم ، واختاره أبو حاتم ، وقال أبو عمرو : وتصديقها (وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) فلم يقل يدرسون وقرأ الحسن (تُعَلِّمُونَ) ، التاء والعين وتشديد اللام على معنى تعلمون ، وقرأ أبو عبيدة : تُدْرِسُونَ من أدرس يدرس. وقرأ سعيد بن جبير : تُدَرِّسُونَ من التدريس. الباقون : يدرسون من الدرس أي يقرءون ، نظيره في سورة الأعراف (وَدَرَسُوا ما فِيهِ) (٣).
جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ما من مؤمن ذكر ولا أنثى حرّ ولا عبد مملوك إلّا ولله عزوجل عليه حقّ واجب أن يتعلّم من القرآن ويتفقّه فيه ، ثم تلا هذه الآية (وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ)» (٤).
(وَلا يَأْمُرَكُمْ) : قرأ الحسن وابن أبي إسحاق وعاصم وحمزة : (وَلا يَأْمُرَكُمْ) بالنصب عطفا على قوله (ثُمَّ يَقُولَ).
وقيل : على إضمار أنّ وهو على هذه القراءة مردود على البشر. وقرأ الباقون بالرفع على الاستئناف والانقطاع من الكلام الأوّل ، يدلّ عليه قراءة عبد الله وطلحة ولن يأمركم ثمّ اختلفوا فيه ، فقرأ الأكثر على معناه (وَلا يَأْمُرَكُمْ) الله. وقال ابن جريح : (وَلا يَأْمُرَكُمْ) محمد عليه الصّلاة والسّلام ، وقيل : (وَلا يَأْمُرَكُمْ) البشر.
(أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) : كقول قريش وبني مليح حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، واليهود والنّصارى حيث قالوا في المسيح وعزير ما قالوا.
(أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) : على ظهر التعجّب والإنكار ، يعني : لا يفعل هذا.
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) ، قرأ سعيد بن جبير لَمَّا بتشديد الميم ، وقرأ يحيى بن رئاب والأعمش وحمزة والكسائي بجرّ اللام وتخفيف الميم.
وأما الباقون : بفتح اللام وتخفيف الميم ، فمن فتح اللام وخفّف الميم فقال الأخفش : هي
__________________
(١) سورة مريم : ٥.
(٢) سورة مريم : ٢٩.
(٣) سورة الأعراف : ١٦٩.
(٤) تفسير القرطبي : ٤ / ١٢٢.