وقال الأعشى بن ثعلبة :
وإذا تجوزها حبال قبيلة |
|
أخذت من الأخرى إليك حبالها (١) |
واختلفوا في الحبل المعني بهذه الآية :
فقال ابن عباس : تمسكوا بدين الله.
وروى الشعبي عن ابن مسعود أنه قال في قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) قال الجماعة.
وقال ابن مسعود : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله الذي أمر به وإنّ ما تكرهون في الجماعة والطاعة خير ممّا تحبون في الفرقة.
وقال مجاهد وعطاء : بالعهد.
قتادة والسدي والضحاك : هو القرآن ، يدل عليه ما روى عن الحرث أنه قال : دخلت المسجد فإذا الناس قد وقعوا في الأحاديث ، فأتيت عليا كرم الله وجهه فقلت : ألا ترى أن الناس قد وقعوا في الأحاديث؟ فقال : وقد فعلوا؟ فقلت : نعم ، فقال : أما أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنها ستكون فتنة» قال : قلت : فما الخروج منها يا رسول الله؟ قال : «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، فهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم تنته الجن إذا سمعته إلّا أن قالوا (سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) (٢) من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه (هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) خذها إليك يا أعور» [١٣٢] (٣).
وروى أبو الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم ، إن هذا القرآن هو حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع وعصمة من تمسك به ونجاة من تبعه ، لا يعوج فيقوّم ولا يزيغ فيستعتب ولا تقضى عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد ، فاقرأوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات ، أما أني لا أقول (الم) حرف ولكن ألف ولام وميم ثلاثون حسنة» [١٣٣] (٤).
__________________
(١) تفسير الطبري : ٤ / ٤٢ ، تفسير القرطبي : ٤ / ١٥٨.
(٢) سورة الجن : ١.
(٣) الدر المنثور : ٦ / ٣٣٧.
(٤) تفسير القرطبي : ١ / ٥.