ما عاين الناس من فضل كفضلكم |
|
ولا رأوا مثلكم في سالف السنن (١) |
وقال بعضهم : معناه أهل السنن ، وقال عطاء : شرائع ، الكلبي : قد مضت لكل أمة سنّة ومنهاج إذا ابتغوها رضياللهعنهم ، مجاهد : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) بالهلاك فيمن كذب قبلكم ، والسنّة في اللغة : المثال المتبع والإمام المؤتم به ، فقال : سنّ فلان سنّة حسنة أو سنّة سيئة إذا عمل عملا يقتدى به من خير أو شر.
قال لبيد :
من معشر سنّت لهم آباؤهم |
|
ولكل قوم سنّة وإمامها (٢) |
قال سليمان بن قبة :
وإن الألى بالطف من آل هاشم |
|
تأسوا فسنوا للكرام التآسيا (٣) |
ومعنى الآية : قد مضت وسلفت مني فيمن كان قبلكم من الأمم الماضية المكذبة الكافرة سنن بإمهالي واستدراجي إياهم حتى بلغ الكتاب فيهم أجلي على الذي أجلته لأدلة أنبيائي وإهلاكهم.
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) آخر أمرهم (الْمُكَذِّبِينَ) منهم ، وهذا في يوم أحد. يقول : فإذا أمهلهم واستدرجهم حتى يبلغ أجلي الذي أجلت في نصرة النبي صلىاللهعليهوسلم وأوليائه وهلاك أعدائه ، هكذا قال ابن إسحاق هذا الذي ذكرت.
(هذا) القرآن (بَيانٌ لِلنَّاسِ) عامة (وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ) من الجهالة (لِلْمُتَّقِينَ) خاصّة.
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (١٤١) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥))
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٤ / ٢١٦. بتفاوت.
(٢) تفسير القرطبي : ٤ / ٢١٦.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ١٣٤ ، لسان العرب : ١٤ / ٣٥.