فيوما علينا ويوما لنا |
|
ويوم نساء ويوما نسر (١) |
(وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) يعني وإنما كانت هذه المداولة (لِيَعْلَمَ اللهُ) ليرى الله الذين كفروا منكم ممّن نافقوا فيهزأ بعضهم من بعض. وقيل : معناه (وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) بأفعالهم موجودة كما علمها منهم قبل أن يكلّفهم (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) يكرم أقواما بالشهادة ، وذلك أن المسلمين قالوا : أرنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونلتمس الشهادة. فلقوا المشركين يوم أحد فاتخذ الله منهم شهداء (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) يعني يطهّرهم من ذنوبهم (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) يفنيهم ويهلكهم وينقصهم ثم عزّاهم فقال (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) ... (وَيَعْلَمَ) نصب على الظرف ، وقيل : بإضمار أن الخفيفة.
(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) وذلك أنهم تمنوا أن يكون لهم يوم كيوم بدر فأراهم الله تعالى يوم أحد فذلك قوله : (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) أي أسبابه وآثاره (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الآية.
قال أهل التفسير وأصحاب المغازي : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نزل الشعب في سبعمائة رجل وأمر عبد الله بن جبير. أحد بني عمر. وعمر بن عوف. وهو أخو خوات بن جبير. على الرماة وهم خمسون رجلا.
فقال : «أقيموا بأصل الجبل وانضحوا عنّا بالنبل لا نؤتا من خلفنا وإن كان لنا أو علينا ، ولا تبرحوا مكانا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم» فجاءت قريش وعلى ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل ، ومعهم النساء يضربن بالدفوف ويقلن الأشعار وكانت هند تقول :
نحن بنات طارق |
|
نمشي على النمارق |
الدر في المخانق |
|
والمسك في المفارق |
إن تقبلوا نعانق |
|
ونفرّق النمارق |
أو تدبروا نفارق |
|
فراق غير وامق (٢) |
وكان أبو عامر عبد عمرو بن الصيفي أول من لقيهم بالأحابيش وعبيد أهل مكة ، فقاتلهم قتالا شديدا حتى حميت الحرب.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من يأخذ هذا السيف بحقه ويضرب به العدو حتى ينحني» فأخذه أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري وكان رجلا شجاعا يحتال عند الحرب ، فلما أخذ السيف اعتمّ بعمامة حمراء وجعل يتبختر ويقول :
__________________
(١) ورد متفرقا في : تفسير الطبري : ٢٠ / ٦٤ ، تفسير القرطبي : ١٣ / ٢٦٦ ، فقه القرآن للراوندي : ١ / ٣٥٢.
(٢) الطبقات الكبرى : ٢ / ٤٠ ، تاج العروس : ٦ / ٤١٨.