على رقابهم المناديل ، بأيديهم الأكواب والأباريق ، وإذا كان يوم القيامة يخرج من قبره شاهرا سيفه تشخب أوداجه دما ، اللون لون الدم والرائحة رائحة المسك ، يخطو في عرصة القيامة.
فو الذي نفسي بيده لو كان الأنبياء على طريقهم لترجّلوا لهم ، ممّا يرون من بهائهم ، حتى يأتوا إلى موائد من الجواهر فيقعدون عليها ، ويشفع الرجل منهم في سبعين ألف من أهل بيته وجيرته ، حتى أن الجارين يتخاصمان أيهما أقرب جوارا فيقعدون معي ومع إبراهيم على مائدة الخلد ، فينظرون إلى الله في كل يوم بكرة وعشية» (١).
وروى مكحول عن كثير بن مرة عن قيس الجذامي : رجل كانت له صحبة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يعطى الشهيد ست خصال عند أول قطرة من دمه : يكفّر عنه كل خطيئة ، ويرى مقعده من الجنة ، ويزوّج من الحور العين ، ويؤمن الفزع الأكبر وعذاب القبر ، ويحلّى بحلية الإيمان» (٢) [١٨٦].
ثابت بن أسلم البناني عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم في بعض غزواته فأتاه رجل أسود فقال : يا رسول الله إني أسود قبيح الوجه منتن الريح لا مال لي ، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل فأين أنا؟ قال : «في الجنة» قال : فحمل عليهم فقاتل حتى قتل ، قال : فجاء رسول الله عليهالسلام حتى وقف على رأسه فقال : «لقد بيّض الله وجهك وطيّب ريحك وأكثر مالك» ثم قال : «لقد رأيت زوجتيه من الحور العين في الجنة تنازعانه جبة له من صوف ، ليدخلا بينه وبين جبته» (٣) [١٨٧].
أبو صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما يجد الشهيد من القتل في سبيل الله إلّا كما يجد أحدكم مسّ القرصة» (٤) [١٨٨].
وفي غير هذا الحديث : «عضة نملة أشد على الشهيد من مس السلاح» (٥) [١٨٩].
وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله عبادا يصونهم عن القتل والزلازل والأسقام ، يطيل أعمارهم في حسن العمل ، ويحسن أرزاقهم ويحييهم في عافية ويقبض أرواحهم في عافية على الفرش ، ويعطيهم منازل الشهداء» (٦) [١٩٠].
(الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) الآية ، وذلك أن أبا سفيان وأصحابه لما انصرفوا عن
__________________
(١) تفسير مجمع البيان : ٢ / ٤٤٤.
(٢) المصنف ـ الكوفي ـ : ٤ / ٥٨٥.
(٣) البداية والنهاية ـ ابن كثير ـ : ٤ / ٢١٨. بتفاوت.
(٤) مسند أحمد : ٢ / ٢٩٧.
(٥) كنز العمال : ٤ / ٤٠٥.
(٦) كنز العمال : ٤ / ٤٢٦. بتفاوت.