يخوف الناس أولياءه ، كقول القائل : ويعطى الدراهم ويكسي الثياب ، بمعنى هو يعطي الناس الدراهم ويكسي الناس الثياب. يدل عليه قراءة ابن مسعود : (يخوف الناس أولياءه).
وروى يحيى بن اليمان عن طلحة عن عطاء أنه كان يقرأ (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ).
وروى محمد بن مسلم بن أبي وضاح قال : حدثنا علي بن خزيمة قال : في قراءة أبي بن كعب : يخوفكم بأوليائه.
(فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ) في ترك أمري (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) مصدقين بوعدي فإني المتكفل لكم بالنصر والظفر (وَلا يَحْزُنْكَ).
قرأ نافع : (يَحْزُنُكَ) بضم الياء وكسر الزاي ، وكذلك جميع ما في القرآن من هذا الفعل ، إلّا التي في الأنبياء (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (١) فإنه بفتح الياء وضم الزاي ، وضده أبو جعفر ، وقرأ ابن محيصن كلها بضم الياء وكسر الزاي.
الباقون كلها بالفتح وضم الزاي ، وهما اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ، وهما لغتان ، حزن يحزن وأحزن يحزن إلّا أن اللغة العالية الفصيحة : حزن يحزن وأحزنته قال الشاعر :
مضى صحبي وأحزنني الديار (٢)
(الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ).
قرأه العامة : هكذا ، وقرأ طلحة بن مصرف : يسرعون.
قال الضحاك : هم كفار قريش ، وقال غيره : هم المنافقون يسارعون في الكفر بمظاهرة الكفار.
(إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) بمسارعتهم في الكفر ومظاهرتهم أهله (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ) نصيبا في ثواب الآخرة ، فلذلك خذلهم حتى سارعوا في الكفر (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) وفي هذه الآية ردّ على القدرية.
(إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) استبدلوا الكفر بالإيمان (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) فإنهم يضرون أنفسهم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا).
قراءة حمزة وأبي بحتريه : بالتاء.
الباقون : بالياء ، فمن قرأ بالياء فـ (الَّذِينَ) في محل الرفع على الفاعل تقديره : ولا يحسبن الكفار أن إملاءنا خير لهم.
__________________
(١) سورة الأنبياء : ١٠٣.
(٢) تفسير القرطبي : ٤ / ٢٨٥.