قال الحسن ومجاهد : لما نزلت (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (١) قال اليهود : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ) يستقرض منّا (وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) ، [والقائل فنحاص بن عازوراء] (٢) عن ابن عباس.
وروى الحسن : أن قائل هذه المقالة حيي بن أخطب (٣).
قال عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق : كتب النبي صلىاللهعليهوسلم مع أبي بكر الصديق إلى يهود بني قينقاع يدعوهم إلى الإسلام وإلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأن يقرضوا (اللهَ قَرْضاً حَسَناً) ، فدخل أبو بكر رضياللهعنه ذات يوم بيت مدارسهم فوجد ناسا كثيرا من اليهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص بن عازوراء وكان من علمائهم ، ومعه حبر آخر يقال له : أشيع ، فقال أبو بكر رضياللهعنه لفنحاص : اتق الله وأسلم إنك لتعلم أن محمدا قد جاءكم بالحق من عند الله (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) (٤) فأمن وصدّق واقرض (اللهَ قَرْضاً حَسَناً) يدخلك الجنة ويضاعف لك الثواب.
قال فنحاص : يا أبا بكر تزعم أن ربّنا يستقرضنا أموالنا ولا يستقرض إلّا الفقير من الغني ، فإن كان ما تقول حقا فإن الله إذا لفقير ونحن أغنياء ، ولو كان غنيا ما أعطاناه ربّي ، فغضب أبو بكر رضياللهعنه وضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال : والذي نفسي بيده لو لا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله.
فذهب فنحاص إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : يا محمد أنظر ما صنع بي صاحبك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأبي بكر : «ما الذي حملك على ما صنعت؟» [٢٠٦] فقال يا رسول الله : إن عدوّ الله قد قال قولا عظيما ، زعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء فغضبت لله وضربت وجهه فجحد ذلك فنحاص ، فأنزل الله عزوجل ردا على فنحاص وتصديقا لأبي بكر رضياللهعنه (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا) من الإفك والفرية على الله عزوجل فنجازيه به (٥).
وقال مقاتل وابن عبيد : سيحفظ عليهم ، الكلبي : سنوجب عليهم في الآخرة جزاء ما قالوا في الدنيا ، الواقدي : سيؤمن الحفظة من الكتاب ، نظيره قوله : (وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ) (٦).
قرأ حمزة والأعمش والأعرج : بياء مضمومة.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٤٥.
(٢) راجع زاد المسير : ٢ / ٦٥.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ٢٥٩.
(٤) سورة الأعراف : ١٥٧.
(٥) أسباب النزول : ٨٩.
(٦) سورة الأنبياء : ٩٤.