لا تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ... يحسبن بالياء ، قرأه حميد بن كثير وأبو جعفر وشيبة ونافع وابن عامر وأبو عمرو ، وغيرهم بالتاء ، فمن قرأه بالياء فمعناه : ولا يحسبن الفارحون منجيا لهم من العذاب ، ومن قرأ بالتاء فمعناه : و (لا تَحْسَبَنَ) يا محمد الفارحين (بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) ، وخبره في الباء.
وقوله : (لا تَحْسَبَنَ) بالتاء ، وفتح الباء إعادة تأكيد.
وقرأ الضحاك وعيسى : (لا تَحْسَبُنَّ) بالتاء وضم الباء ، أراد محمدا وأصحابه.
وقرأ محمد وابن كثير وأبو عمرو ويحيى بن يعمر : بالياء وضم الباء خبرا عن الفارحين ، أي فلا تحسبن أنفسهم ، واختلفوا فيه فيمن نزلت هذه الآية.
روى عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أن رجالا من المنافقين كانوا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقولون : يا رسول الله لو خرجت إلى الغزو لغزونا معك ، فإذا خرج عليهالسلام خلفوا عنه وفرحوا (بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ) ، فإذا قدم النبي صلىاللهعليهوسلم اعتذروا إليه فيقبل عذرهم وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.
وروى مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن رافع بن خديج : أنه كان هو وزيد بن ثابت عند مروان وهو يومئذ أمير المدينة فقال مروان لرافع : في أي شيء أنزلت هذه الآية : لا تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا؟ فقال رافع : أنزلت في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر تخلفوا عنهم ، فأنكر مروان وقال : ما هذا؟ فجزع رافع من ذلك وقال لزيد بن ثابت : أنشدك الله هل تعلم ما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال زيد : نعم ، فخرجا من عند مروان ، فقال زيد لرافع وهو يمزح معه : أما تحمد في ما شهدت لك وقال رافع : وأي شيء هذا؟ أحمدك على أن تشهد بالحق؟ قال زيد : نعم قد حمد الله على الحق أهله.
وقال عكرمة : نزلت في فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار ، يفرحون بإضلالهم الناس ، وبنسبة الناس إياهم إلى العلم ، وقولهم إنهم علماء وليسوا بأهل علم لم يحملوهم على هدى ولا خير.
الضحاك والسدي : هم يهود أهل المدينة كتبوا إلى يهود اليمن والشام وأطراف الأرض : أن محمدا ليس برسول فاثبتوا على دينكم. فاجتمعت كلمتهم على الكفر بمحمد والقرآن ففرحوا بذلك وقالوا : الحمد لله الذي جمع كلمتنا فنحن على دين إبراهيم ونحن أهل العلم الأول ، وليسوا كذلك.
مجاهد : هم اليهود فرحوا بإعجاب الناس تبديلهم الكتاب ، وجهدهم إياه عليه.
سعيد بن جبير : هم اليهود فرحوا بما أعطى الله إبراهيم وهم براء من ذلك.