والرحمة والثواب والنعمة ، وقيل معناه : واجعلنا ممّن تؤتيهم ما وعدت على ألسنة رسلك ويستحقون ثوابك ، لأنهم ما تيقنوا استحقاقهم لهذه الكرامة ، فسألوه أن يجعلهم مستحقين لها ، ولو كان القوم قد شهدوا بذلك لأنفسهم ، لكانوا قد زكّوها وليس ذلك من صفة الأبرار.
وقال بعضهم : إنما سألوا ربّهم تعجيل ما وعدهم من النصر على الأعداء وإعزاز الدين ، لأنها حكاية عن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم قالوا : قد علمنا أنك لا تخلف وعدك من النصر والظفر على الكفار ، ولكن لا صبر لنا على حكمك ، فعجّل خزيهم وانصرنا عليهم.
ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجز وعده ، ومن أوعد على عمل عقابا فهو فيه بالخيار» (١) [٢١٦].
عن الأصمعي قال : سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول : سألني عمرو بن عبيد : أيخلف الله وعده؟ قلت : لا. قال : فيخلف الله وعيده؟ قلت : نعم. قال : ولم؟ قلت : لأن في خلفه الوعد علامة ندم وفي خلفه الوعيد إظهار الكرم ، ثم أنشأ يقول :
ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي |
|
ولا أختبي من خشية المتهدد |
إني وإن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي (٢) |
عن سعيد المقبري عن أبي هريرة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ عشر آيات من آخر آل عمران كل ليلة.
وعن يزيد بن أبي حبيب : أن عثمان بن عفان رضياللهعنه قال : من قرأ في ليلة (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ /) إلى آخرها كتبت له بمنزلة قيام ليلة.
(فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ).
روى أبو بكر الهذلي عن الحسن قال : ما زالوا يقولون : ربّنا ربّنا حتى استجاب لهم ربّهم.
وروى عن الصادق أنه قال : من حزّ به أمر فقال خمس مرات : ربنا أنجاه الله ممّا يخاف وأعطاه ما أراد. قيل له : وكيف ذلك؟ قال : اقرؤا إن شئتم (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً) إلى قوله تعالى (الْمِيعادَ).
فأما نزول الآية :
فقال مجاهد : قالت أم سلمة : يا رسول الله إني أسمع الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء بشيء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________________
(١) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة : ٩١ ، ومسند أبي يعلى : ٩ / ٦٦.
(٢) تفسير القرطبي : ٤ / ٣١٨ ، الصحاح : ١ / ٤٦.