وقرأ النخعي ويحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف وقتادة والأعمش وحمزة : بالخفض على معنى وبالأرحام ، كما يقال : سألتك بالله والرحمن ، ونشدتك بالله والرحمن ، والقراءة الأولى أصح وأفصح ، لأن العرب لا يكلأ بنسق بظاهر على المعنى ، إلّا أن يعيدوا الخافض فيقولون : مررت به وبزيد ، أو ينصبون.
كقول الشاعر :
يا قوم مالي وأبي ذويب (١)
إلّا أنه جائز مع قوله ، وقد ورد في الشعر.
قال الشاعر :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا |
|
اذهب فمالك والأيام من عجب (٢) |
وأنشد الفراء لبعض الأنصار :
نعلق في مثل السواري سيوفنا |
|
وما بينها والكعب غوط نفانف (٣) |
وقرأ عبد الله بن يزيد المقبري : (والأرحامُ) رفعا على الابتداء ، كأنه نوى تمام الكلام عند قوله (تَسائَلُونَ بِهِ) ثم ابتدأ كما يقال : زيد ينبغي أن يكرم ، ويحتمل أن يكون إغراء ، لأن العرب من يرفع المغري.
وأنشد الفراء :
أين قوما منهم عمير |
|
وأشباه عمير ومنهم السفاح |
لجديرون باللقاء إذا قال |
|
أخو النجدة السلاح السلاح (٤) |
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) أي حافظا ، قيل : بمعنى فاعل (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) الآية.
قال مقاتل والكلبي : نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم طلب المال ، فمنعه عمه فترافع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآية ، فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول ، نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع إليه ماله.
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «(مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) ويطع ربّه هكذا فإنه يحل داره» يعني جنته ، فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ثبت الأجر وبقي الوزر» [٢٢٦].
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢٢ / ١٣٦.
(٢) شرح الرضي على الكافية : ٢ / ٣٣٦ ، تفسير القرطبي : ١٠ / ١٤.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ٣٠٠ ، والقرطبي : ٥ / ٣. وفيه (مهوى) بدل (غوط)
(٤) تفسير الطبري : ٣ / ٢٠٨ ، تفسير القرطبي : ٥ / ٦.