فقال بعضهم : معناها وإن خفتم ألّا تعدلوا يا معشر أولياء اليتامى فيهن ، إذا تزوجتم بهن فانكحوا غيرهن من الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم.
وروى الزهري عن عروة عن عائشة قال : قلت لها ما قول الله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) فقالت : يا ابن أخي هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ويريد أن ينكحها بأدنى من صداقها فنهي أن تنكحوهن إلّا أن تقسطوا لهن في إكمال الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما سواهنّ من النساء.
قال الحسن : كان الرجل من أهل المدينة يكون عنده الأيتام وفيهن من يحل له تزويجها فيقول لها : لا أدخل في رباعي أحدا كراهة أن يدخل غريب فيشاركه في مالهنّ ، فربما يتزوجهن لأجل مالهن ومن لا يعجبنه ثم نسى صحبتهن ويتربص بهن أن يمتن فيرثهن ، فعاب الله عزوجل ذلك وأنزل الله عزوجل هذه الآية.
عكرمة : كان الرجل من قريش يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل ، فإذا صار معدما لما يلزمه من مؤن نسائه ، مال على مال يتيمته التي في حجره فأنفقه فقيل لهم : أمسكوا عن النساء ولا تزيدوا على أربع حتى لا يخرجكم إلى أخذ أموال اليتامى ، وهذه رواية طاوس عن ابن عباس ، ومعنى رواية عطية عنه.
وقال بعضهم : كانوا يتحرجون ويتحوبون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء ولا يتعددون فيهن ويتزوجون ما شاءوا ، فربما عدلوا وربما لم يعدلوا ، فلما سألوا عن حال مال اليتامى أنزل الله (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) الآية ، وأنزل أيضا هذه الآية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) يقول : كما خفتم ألّا تقسطوا في اليتامى وهمّكم ذلك ، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ولا تتزوجوا أكثر ممّا يمكنكم امساكهنّ والقيام بحقهن ، لأن النساء كاليتيم في الضعف والعجز ، فما لكم تراقبون الله عزوجل في شيء وتعصونه في مثله ، وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي ، ورواية الوالبي عن ابن عباس.
وقال الحسن أيضا : تحرجوا من نكاح اليتامى كما تحرجوا من أموالهم ، فأنزل الله هذه الآية ، ورخص فيهن وقصر بهن على عدد ، فعليكم العدل فيهن ، فإن خفتم يا معشر الأولياء في اليتامى التي أنتم ولاتهن ألّا تقسطوا ، فأنكحوهن ولا تزيدوا على أربع ، لتعدلوا ، فإن خفتم ألّا تعدلوا فيهن فواحدة.
قال ابن عباس : قصر الرجال على أربع من النساء من أجل اليتامى.
مجاهد : معناه إن تحرجتم من ولاية اليتامى فأموالهم إيمانا وتصديقا ، فكذلك تحرجوا عن الزنا ، فانكحوا النساء الحلال نكاحا طيبا ، ثم بيّن لهم عددا محصورا وكانوا يتزوجون ما شاءوا من غير عدد ، فأنزل الله (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) أي أن لا تعدلوا.