فقال الزبير : أنا شريكك في البيع ، فقال : عليّ عثمان.
وقال علي : إن ابن جعفر اشترى كذا وكذا أحجر عليه.
وقال الزبير : أنا شريكه في البيع ، فقال عثمان : كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير.
فثبت من هذه القصة إجماع الصحابة على جواز الحجر ، لأن عبد الله بن جعفر خاف من الحجر ، والزبير احتال له فيما يمنعه منه ، وعليّ سأل ذلك عثمان ، وعثمان اعتذر إليه في الامتناع منه.
(وَلا تَأْكُلُوها) يا معشر الأوصياء والأولياء بغير حقها (إِسْرافاً) والإسراف مجاوزة الحد والإفراط والخطأ ووضع الشيء في غير موضعه ، يقال : مررت بكم فسرقتكم ، أي فسهوت عنكم وأخطأتكم.
قال جرير :
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية |
|
ما في عطائهم منّ ولا سرف (١) |
أي خطأ ، يعني أنهم يصيبون مواضع العطاء (وَبِداراً) مبادرة (أَنْ يَكْبَرُوا) أن في محل النصب يعني لا تبادروا كبرهم ورشدهم حذرا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمها إليهم ، ثم بيّن ما يحل لهم من مالهم ، فقال عز من قائل : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا) عن مال اليتيم (فَلْيَسْتَعْفِفْ) عن مال اليتيم ، فلا يجوز له قليلا ولا كثيرا ، والعفة الامتناع ممّا لا يحل ولا يجد فعله ، قال الله تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) (٢).
(وَمَنْ كانَ فَقِيراً) محتاجا إلى مال اليتيم وهو يحفظه ويتعهده (فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) واختلف العلماء فيه :
فقال بعضهم : المعروف القرض ، نظيره قوله : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ) (٣) يعني القرض ، ومعنى الآية : تستقرض من مال اليتيم فإذا أيسر قضاه ، فإن لم يقدر على قضائه فلا شيء عليه.
وقال به سعيد بن جبير وعبيدة السلماني وأبي العالية ، وأكثر الروايات عن ابن عباس.
قال مجاهد : ليستسلف منه فيتجر فيه فإذا أيسر أدى ، ودليل هذا التأويل ما روى إسرابيل وسفيان عن إسحاق عن حارثة بن مصرف قال : قال عمر بن الخطاب : ألا إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة مال اليتيم إن استغنيت استعففت فإن افتقرت أكلت بالمعروف وإن أيسرت قضيت.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٤ / ٣٣٧.
(٢) سورة النور : ٣٣.
(٣) سورة النساء : ١١٤.