(فَلَهَا النِّصْفُ) ثم قال : (وَلِأَبَوَيْهِ) يعني لأبوي الميت ، كناية عن غير المذكور (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) أو ولدان ، والأب هاهنا صاحب فرض (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) قرأ أهل الكوفة : (فَلِأِمِّهِ) بكسر الهمزة ، وقرأ الباقون : بالضم على الأصل.
(فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) اثنين كانا أو أكثر ذكرانا أو إناثا (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) هذا قول عامة الفقهاء ، وكان ابن عباس لا يحجب الأم عن الثلث إلى السدس بأقل من ثلاثة أخوة ، وكان يقول في أبوين وأخوين : للأم الثلث وما بقي فللأب ، اتبع ظاهر اللفظ.
وروى : أن ابن عباس دخل على عثمان فقال : لم صار الأخوان يردان الأم إلى السدس ، وإنما قال الله عزوجل : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) والأخوان في لسان قومك ليسا بأخوة؟ فقال عثمان : هل أستطيع نقض أمر قد كان قبلي وتوارثه الناس ومضى في الأمصار. وقول ابن عباس في هذا غير مأخوذ به ، وأما الآية فإن العرب توقع اسم الجمع على التثنية ، لأن الجمع ضمّ شيء إلى شيء ، فأقل الجموع اثنان وأقصاها لا غاية له ، قال الله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) (١).
وتقول العرب : ضربت من زيد وعمرو ، رؤوسهما فأوجعت من إخوتك ظهورهما.
وأنشد الأخفش :
لما أتتنا المرأتان بالخبر |
|
أن الأمر فينا قد شهر (٢) |
قال الثعلبي : وأنشدني أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدني أبو سعيد أحمد بن محمد بن رمح الزيدي :
ويحيى بالسلام غني قوم |
|
ويبخل بالسلام على الفقير |
أ ليس الموت بينهما سواء |
|
إذا ماتوا وصاروا في القبور (٣) |
(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم : (يوصى) بفتح الصاد ، الباقون : بالكسر وكذلك الآخر.
واختلفت الرواية فيهما عن عاصم ، والكسر اختيار أبي عبيد وأبي حاتم لأنّه جرى ذكر الميت قبل هذا ، قال الأخفش : وتصديق الكسر يوصين ويواصون.
(آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً).
__________________
(١) سورة التحريم : ٤.
(٢) تفسير القرطبي : ٥ / ٧٣.
(٣) تفسير القرطبي : ٥ / ٧٣ ، و ١٤ / ١٠٦.