وقال الأشعث بن يسار : توفى أبو قيس وكان من صالحي الأنصار ، فخطب ابنه قيس امرأة أبيه ، فقالت : إني أعدك ولدا وأنت من صالح قومك ، ولكني آتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم أستأمره ، فأتته فأخبرته ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ارجعي إلى بيتك» [٢٧٧] فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) (١).
(ما) بمعنى من ، وقيل : ولا تنكحوا النكاح يعني (ما نَكَحَ (آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) اسم الجنس ليدخل فيه الحرائر والإماء ، أما الحرائر فتحرم بالعقد ، والإماء بالوطء.
(إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) قال المفضّل : يعني بعد ما سلف فدعوه واجتنبوه.
قال الثعلبي : وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا زكريا العنبري يقول : معناه كما قد سلف (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً) يورث بغض الله ، والمقت أشد البغض (وَساءَ سَبِيلاً) (٢) وبئس ذلك طريقا. كانت العرب يقولون لولد الرجل من امرأة أبيه مقيت ومقي ، وكان منهم الأشعث بن قيس وأبو معيط بن عمرو بن أمية.
السدي عن عدي بن ثابت عن البراء قال : لقيت خالي ومعه الراية فقلت : أين تريد؟ فقال : أرسلني رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى رجل تزوج بامرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو أقتله.
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) هي جمع أم ، والأم في الأصل أمهه على وزن فعلة ، مثل قبرة وحمرة فسقطت الهاء في [التوحيد وعادت] في الجمع كقولهم : شاه ومياه.
قال الشاعر :
أمهتي خندف والروس أبي (٣)
وقيل : أصل الأم أمة ، وأنشدوا :
تقبلتها عن أمة لك طالما |
|
تثوب إليها في النوائب أجمعا (٤) |
فيكون الجمع حينئذ أمهات. ومثاله في الكلام عمّة وعمّات.
وقال الراعي :
كانت نجائب منذر ومحرق |
|
أماتهن وطرقهن فحيلا (٥) |
فحرم الله تعالى في هذه الآية نكاح أربع عشرة امرأة : سبعا بنسب وسبعا بسبب ، فأما
__________________
(١) أسباب النزول : ٥٥.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) تفسير القرطبي : ٥ / ١٠٧.
(٤) تفسير القرطبي : ٥ / ١٠٧ ، ولسان العرب : ١٢ / ٣٠.
(٥) لسان العرب : ١١ / ٥١٦.