فقال أبو هريرة : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الحرائر صلاح البيت والإماء فساد البيت» (١) [٢٨٩].
(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) أي أن يبيّن ، (اللام) بمعنى أن ، والعرب تعاقب بين لام كي وبين أن فتضع إحداهما مكان الأخرى كقوله : (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) (٢) وقوله : (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٣) ، ثم قال في موضع آخر : (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٤) ، وقال : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) (٥) ، ثم قال في موضع آخر : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) (٦).
وقال الشاعر :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما |
|
تمثل لي ليلى بكل سبيل (٧) |
يريد أن أنسى ، ومعنى الآية : يريد الله أن يبيّن شرائع دينكم ومصالح أمركم.
الحسن : يعلمكم ما تأتون وما تذرون. عطاء : يبيّن لكم ما يقربكم منه. الكلبي : ليبيّن لكم أن الصبر من نكاح الإماء خير لكم.
(وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ) شرايع (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) في تحريم الأمهات والبنات والأخوات ، كما ذكر في الآيتين. هكذا حرّمها على من كان قبلكم من الأمم (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) يتجاوز عنكم ما أصبتم قبل أن يبيّن لكم ، قاله الكلبي.
وقال محمد بن جرير : يعني يرجع بكم من معصيته التي كنتم عليها قبل هذا إلى طاعته التي أمركم بها في هذه الآية (وَاللهُ عَلِيمٌ) بما يصلح عباده من أمر دينهم ودنياهم (حَكِيمٌ) في تدبيره فيهم (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) إن وقع تقصير منكم في أمره (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا) عن الحق (مَيْلاً عَظِيماً) بإتيانكم ما حرّم عليكم ، واختلفوا في الموصوفين باتباع الشهوات من هم :
فقال السدي : هم اليهود والنصارى.
وقال بعضهم : هم اليهود ، وذلك أنهم ينكحون بنات الأخ وبنات الأخت ، فلما حرّمهما الله قالوا : إنكم تحلّون بنات الخالة والعمّة ، والخالة والعمّة عليكم حرام ، فانكحوا بنات الأخ والأخت كما تنكحون بنات الخالة والعمّة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________________
(١) وسنن ابن ماجة : ١ / ٥٩٨.
(٢) سورة الشورى : ١٥.
(٣) سورة الأنعام : ٧٣.
(٤) سورة غافر : ٦٦.
(٥) سورة الصف : ٨.
(٦) سورة التوبة : ٣٢.
(٧) تفسير القرطبي : ٥ / ١٤٨ ، لسان العرب : ٣ / ١٨٨.