وقال ابن عباس : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا) من الميراث ، وللنساء نصيب منه (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، والاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة والأحراز ، فنهى الله تعالى عن التمني على هذا الوجه لما فيه من دواعي الحسد.
قال الضحاك : لا يحل لمسلم أن يتمنى مال أحد ، ألم يسمع الذين قالوا : (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ) (١) إلى أن قال (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ) (٢) حين خسف بداره وأمواله يقولون : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا) (٣).
وقال الكلبي : لا يتمنى الرجل مال أخيه ولا امرأته ولا خادمه ولا دابته ، ولكن ليقل : اللهم ارزقني مثله ، وهو كذلك في التوراة ، وذلك قوله في القرآن : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) (٤).
قرأ ابن كثير وخلف والكسائي : (وسلوا الله) وسل وفسل بغير همزة فنقل حركة الهمزة إلى السين.
الباقون : بالهمزة.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سلوا الله من فضله فإنه يحبّ أن يسأل وأن من أفضل العبادة انتظار الفرج» (٥).
أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من لم يسأل الله عزوجل من فضله غضب عليه» (٦) [٣٠٢].
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : سلوا ربّكم حتى الشبع من لم ييسّره الله لم يتيسّر.
وقال سفيان بن عيينة : لم يأمر بالمسألة إلّا ليعطي.
(وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) أي ولكل واحد من الرجال والنساء موالي ، أي عصبة يرثونه (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) من ميراثهم له ، والوالدون والأقربون على هذا التأويل هم الموروثون ، وقيل : معناه ولكل جعلنا موالي ، أي قرابة من الذين تركهم ، ثم فسّر الموالي فقال : (الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) أي هم الوالدان والأقربون خبر مبتدأ محذوف فالمعنى : من تركة الوالدان والأقربون ، وعلى هذا القول هم الوارثون (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ) في محل الرفع بالابتداء ، والمعاقدة هي المعاهدة بين اثنين.
__________________
(١) سورة القصص : ٧٩.
(٢) سورة القصص : ٨٢.
(٣) سورة القصص : ٨٢.
(٤) سورة النساء : ٣٢.
(٥) سنن الترمذي : ٥ / ٢٢٥ ، ح ٣٦٤٢.
(٦) تفسير الطبري : ٥ / ٦٨ ، تفسير القرطبي : ٥ / ١٦٤.