قال الله (أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) لإن معنى الخليل في اللغة. قد قيل : هو الفقير.
قال زهير يمدح حرم بن سنان :
فإن أتاه خليل يوم مسألة |
|
يقول لا غائب مالي ولا حرم |
والخلة : الصداقة ، والخلة : [الحاجة] ، فإذا جعلنا اشتقاق الخليل من الخلة فهو الإخلال الذي يلحق الإنسان فيما يحتاج إليه ، وإن جعلنا من الخلة فهو أصل الصداقة ومعناهما جميعا واحد لأن كل واحد منهما يسد خلل صاحبه في المودة والحاجة إليه.
والخلل : كل فرجة يقع في شيء ، والخلال الذي يتخلل به ، وإنما سمي خلالا لأنه منع به الخلل من الأسنان ، والخل : الطريق في الرمل ، معناه إنه انفرجت فيه فرجة ، فصارت طريقا في الأرض والخلّ الذي يؤكل إنما سمي خلا لأنه أخل منه طعم الحلاوة (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) أي لبساطة عمله لجميع الأشياء.
(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (١٢٧) وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٢٨) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٢٩) وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً (١٣٠))
(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ).
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في بنات أم كحه وميراثهن من أمّهن ، وقد مضت هذه القصة في أول السورة.
معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، قال : كان الرجل بالجاهلية يكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه ، فإذا فعل بها ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا ، فإن كانت جميلة وهواها تزوجها وأكل مالها وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت ، فإذا ماتت ورثها ، فحرّم الله تعالى ذلك ونهى عنه وأنزل هذه الآية.
مجاهد والضحاك وقتادة وإبراهيم : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان شيئا ، وكانت المرأة تكون دميمة في الجاهلية ، دميمة ولها مال فيكره وليّها أن يتزوجها من أجل دمامتها ، ويكره أن يزوّجها غيره من أجل مالها ، وكان وليّها لا يتزوجها ويحبسها عنده حتى تموت ، ويرثها.