الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (١٤٠) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (١٤١))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) الآية.
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس بن كعب وسلام ابن اخت عبد الله بن سلام ، وسلامة بن أخيه ويامين ابن يامين ، فهؤلاء مؤمنو أهل الكتاب. أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك ، وبموسى والتوراة ، وعزيز ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم : «بل آمنوا بالله ورسوله محمد وبكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله» (١) [٣٩١] فقالوا : لا نفعل ، فأنزل الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ) يعني القرآن (وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) يعني الكتب المتقدمة التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب المتقدمة (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ) إلى قوله (ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) يعني خطأ خطأ بعيدا ، فلما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله فإنّا نؤمن بالله ورسوله وبالقرآن وبكلّ رسول وكتاب كان قبل القرآن والملائكة واليوم الآخر (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) كما فعلت اليهود والنصارى ، (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فدخلوا في الإسلام.
وقال الضحاك : هي في اليهود والنصارى ، ومعنى الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بموسى والتوراة وعيسى والإنجيل (آمَنُوا) بمحمد والقرآن.
وقيل : إنه ورد في اليهود خاصة ، والمعنى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في وجه النهار (آمَنُوا) في آخر النهار ، وذلك قوله تعالى (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ) الآية.
وقال [أبو العالية] وجمع من المفسرين : هذه الآية خطاب للمؤمنين وتأويله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) أي أقيموا واثبتوا على الإيمان ، وكقوله لنبيه صلىاللهعليهوسلم (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) أي اثبت على ما أنت عليه وكقوله (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢)
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٢٣٤.
(٢) سورة المائدة : ٩.